2025-11-18 الساعة 05:59م (يمن سكاي - خاص)
تتواصل مؤشرات تعمّق التدخل الإيراني في الشأن اليمني مع تجدد وصول القيادي في «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري الإيراني عبدالرّضا شهلا ئي إلى العاصمة صنعاء، في خطوة تُعدّ الأبرز خلال الأشهر الماضية وتكشف عن مستوى متقدّم من الارتباط بين طهران والجماعة الحوثية. ويعدّ شهلا ئي أحد أبرز العقول العسكرية والأمنية داخل «فيلق القدس»، ويمثل – بحسب مصادر غربية – حلقة الوصل الأكثر تأثيراً بين القيادة الإيرانية والحوثيين، الأمر الذي جعله على مدى السنوات الماضية “الحاكم الفعلي” لكثير من الملفات الحساسة داخل صنعاء.
ووفق تقارير متطابقة، فإن عودة شهلا ئي جاءت في توقيت بالغ الدلالة، إذ تعيش الجماعة الحوثية حالة ارتباك داخلي وتباينات في مستويات القيادة، الأمر الذي دفع طهران إلى إعادة الرجل الذي يوصف بأنه مهندس التواصل العسكري واللوجستي بين الجانبين، من أجل إعادة ترتيب البنية القيادية وضمان استمرار توجيه الجماعة بما يخدم مصالح إيران الإقليمية. ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تؤكد رغبة طهران في استعادة إشرافها المباشر على الملف اليمني، خصوصاً بعد تنامي الضغوط الدولية وتراجع مستوى الانسجام داخل قيادة الحوثيين خلال الفترة الأخيرة.
عودة شهلا ئي إلى صنعاء لا تُقرأ بوصفها تحركاً فردياً، بل تأتي ضمن سياق أوسع من الدعم الذي تقدمه إيران للجماعة عبر التدريب والتسليح والتخطيط العملياتي، إضافة إلى إدارة ملفات حساسة كالدفاع الجوي والصواريخ والطائرات المسيّرة. ويشير محللون إلى أن وجود شخصية بهذا المستوى في العاصمة صنعاء يثبت أن إيران تجاوزت دور المساندة التقليدية إلى مستوى الإدارة الميدانية، وهو ما يفسر تصاعد أنشطة الجماعة في البحر الأحمر، وتنامي قدراتها الهجومية، وارتفاع مستوى تنسيقها مع «محور المقاومة» الذي تقوده طهران.
ويحذر مراقبون من أن هذا التدخل المتزايد قد ينعكس سلباً على فرص إحراز أي تقدم في مسار السلام، إذ بات القرار داخل صنعاء، وفق كثير من التقديرات، مرتبطاً بالسياسات الإيرانية أكثر من ارتباطه بالمصالح اليمنية. كما أن تعزيز حضور شهلا ئي يعني أن طهران تسعى لتثبيت وجودها في منطقة حيوية من العالم، بما يحقق لها أوراق ضغط إضافية على دول الجوار وعلى القوى الدولية المعنية بأمن الملاحة في البحر الأحمر.
ويرى مسؤولون يمنيون أن استمرار التدخل الإيراني، وتعزيز طهران وجودها داخل صنعاء من خلال شخصيات ذات ثقل عسكري وأمني، يؤكد أن الجماعة الحوثية لم تعد مجرد فاعل محلي، بل تحولت إلى أداة رئيسية في مشروع توسعي يتجاوز حدود اليمن. ويعتقد هؤلاء أن معالجة الصراع باتت مرهونة بإدراك المجتمع الدولي لدور طهران في تأجيج الأزمة، وضرورة التعامل مع هذا الدور بوضوح إذا كان الهدف هو الوصول إلى تسوية عادلة تضمن استقرار اليمن والمنطقة.
وتشير التطورات الأخيرة إلى أن صنعاء، التي تعيش منذ سنوات تحت قبضة حوثية شديدة، باتت اليوم أكثر ارتباطاً بمسارات القرار الإيراني، فيما تمثل عودة شهلا ئي أحدث حلقات التدخل المباشر الذي يرسخ سيطرة طهران على المشهد السياسي والعسكري داخل العاصمة، ويفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التعقيد الإقليمي والدولي في الملف اليمني.