أهم الأخبار

ما الذي يُعِدّ له الحرس الثوري الإيراني على الحدود العراقية مع السعودية والكويت؟

2023-03-24 الساعة 09:51م (يمن سكاي - المصدر أونلاين)

خبر عراقي عابر لكنه قد يشد الانتباه بعد سنوات إذا ما تحققت مخاوف بعض المتابعين، لا سيما العراقيين. الثلاثاء الماضي، أعلنت ما تعرف بـ"قوات الحشد الشعبي" في العراق، وهي ميليشيا شيعية تابعة للحرس الثوري الإيراني عن إطلاقها مشروع زراعة مليون نخلة في بادية "المثنى"، المحافظة الجنوبية الواقعة على الحدود مع المملكة العربية السعودية ودولة الكويت، وذلك تحت مزاعم "التنمية".

الخبر الذي لم تلتفت له كثير من وسائل الاعلام كان محل نقاش الأيام الماضية على منصات وسائل التواصل، بين نشطاء وصحفيين عراقيين، حاولوا من خلالها تحليل الدوافع وراء توجه الحشد الشعبي لمثل هذه المشاريع في هذه المنطقة تحديداً وفي هذا التوقيت.

وتعد محافظة المثنى ثاني أكبر محافظات العراق من حيث المساحة لكنها الأقل من حيث السكان، ويحد المحافظة من الجنوب السعودية، ومن الجنوب الشرقي تتصل بحدود ضيقة مع دولة الكويت، فيما تتصل من الشمال بكل من محافظتي الديوانية والنجف، ومن الشرق بذي قار والبصرة.

والمشروع الذي أعلن الحشد الشيعي تدشينه في 21 من الشهر الجاري تزامنا مع "عيد نوروز" (عيد رأس السنة الفارسية)، تنفذه شركة تابعة للحشد أُطلق عليها اسم "شركة المهندس"، وهو لقب أبرز قادة الحشد، "أبو مهدي المهندس"، الذي قُتل برفقة قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني، وعدد من مرافقيهما في غارة جوية أمريكية بطائرة بدون طيار استهدفتهم لدى خروجهم من مطار بغداد الدولي في 3 يناير 2020.

ورأى مراقبون أن التحركات الأخيرة تأتي في سياق تهيئة المنطقة الحدودية للحرب استعداداً لأي عمليات قادمة تستهدف منطقة الخليج ابتداءً بالسعودية والكويت. واللافت أنها جاءت بعد عشرة أيام فقط من إعلان الصين التوصل لاتفاق بين الرياض وطهران، كان أبرز بنوده توقف دعم الأخيرة لأذرعها في المنطقة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وإعادة الدبلوماسية بين البلدين في غضون شهرين.

وقال عبدالرزاق الحيالي، وهو منشق عن ميليشيا منظمة "بدر"، وفق ما يعرف نفسه على تويتر، "سبق وحذرنا الاخوة في السعودية من مشروع حزب الفرس بقيادة عبدالعزيز (ابو فدك) على الحدود السعودية وقد استلم المحمداوي مليونين دونم بحجة الاستثمار من وزارة الموارد المائية العراقية".

وأضاف الحيالي: "بحكم علاقتنا مع المستثمرين خبرونا عن قربهم من الحدود السعودية 25 كيلو متر وعن الرياض تقريباً 1350 كيلو متر علماً ان طبيعة الارض ذات تلال وجبال مما يسهل لهم حفر الخنادق وبناء معامل للأسلحة والمسيرات والمراقبة".

وتابع: "وقد جاء اليوم تأكيد ذلك على لسان محمد شياع السوداني بحجة زرع مليون نخلة وعن طريق الشركة الإيرانية للمقبور المهندس التي أسسها بأمر (قاآني) وبأموال عراقية 100 مليار".

وقال إن هذه "الشركة (المهندس)، أخطر مشروع وسيتم من خلالها سرقة أموال العراق عن طريق إحالة كافة المشاريع لها ولخدمة إيران"، مضيفاً: "قوة المليشيات والذيول اوجدتها شياطين الفرس فحذاري يا بلاد الحرمين".

صورة متداولة على مواقع التواصل لمشروع "الحشد الشعبي" في زراعة مليون نخلة في بادية "المثنى" على الحدود مع السعودية والكويت

وكان فالح الفياض، رئيس الحشد والذي وصفته وكالة الأنباء العراقية بـ"ممثل مكتب رئيس الوزراء ورئيس هيئة الحشد الشعبي"، قال خلال تدشين المشروع، في تصريح متلفز إن هذا المشروع يسعى لتحقيق عدة أهداف منها "أن نجعل قواتنا المسلحة تشارك في البناء والإعمار، ويكون الحشد الشعبي حاضراً في كل اهتمامات هذه الأمة في اقتصادها في آلامها في مآسيها في حروبها".

وأضاف: "آن الأوان أن ننتقل إلى الجانب الإيجابي، جانب المساهمة في البناء والإعمار والاستفادة من جلد وصلابة وإصرار هذا الحشد في تجاوز الصعاب في هذه المناطق الصعبة والمناطق الصحراوية".

وأشار الفياض إلى أن "محافظة المثنى تعاني من نقص الموارد وارتفاع نسب الفقر ونسعى لخدمتها بمختلف المشاريع"، مضيفاً: سنثبت للعالم إبداعنا بالزراعة كما أبدعنا في الدفاع عن الوطن" كما قال.

وتحدث صحفي عراقي تابع للميليشيا الشيعية، يدعى أحمد عبدالسادة، صراحة عن الأهداف العسكرية والأمنية للمشروع، وقال في تغريدة له على تويتر، إن "مبادرة الحشد لزراعة مليون نخلة حشدية في بادية السماوة تعد خطوة مهمة ليس لمواجهة التصحر فقط وإنما أيضاً لإحباط محاولات السعودية الوهابية لاستعمار هذه البادية تحت غطاء الاستثمار. أرض العراق التي ارتوت بدماء شهداء الحشد ستتزين بنخلات الحشد التي ستترجم شموخ ورسوخ تلك الدماء".

وأكد كثير من النشطاء هذه الأبعاد، وقال حساب يعرف نفسه بـ"أبو الهند" إن المشروع "تمويه لغرض التجسس"، وقال، مثنى العاني، : "الموضوع أبعد من هذا، سيكون هناك مكان عسكري مموه يبعد عن حدود السعودية 25 كيلو متر فقط، يستخدم للتجسس وأمور عسكرية أخرى".

وفي السياق قال الصحفي العراقي عثمان المختار، إن "اتجاه "الحشد الشعبي" في العراق للاستثمار والتجارة بدأ بشكل تصاعدي منذ نهاية عام 2017، الآن لديهم شركة وأعمال إنشاءات ضخمة في نسخة مماثلة للحرس الثوري الإيراني".

وأضاف على حسابه في تويتر: "إعلان مشروعهم اليوم على مقربة من الحدود السعودية في بادية السماوة مجرد بداية مشاريع بأبعاد سياسية وأمنية معروفة!".

وتابع قائلاً: ترك "الولائيون" مناطق جرداء بمحيط بغداد في التاجي وجسر ديالى والسدة والشعلة؛ الناس فيها بحاجة لأي غطاء نباتي، وتركوا مساحات الكوت والعمارة اليابسة، وتوجهوا لصحراء بعيدة مقفرة جوار السعودية لم يسجل تاريخ العراق فيها حياة، ويريدك أن تقتنع أنه ليس مشروع سياسي أمني بدعم الحرس الثوري!!".

من جانبه قال الصحفي العراقي، إياد الدليمي: "مليون نخلة في بادية السماوة يقوم الحشد الشعبي بزراعتها!!، للعلم أن هذه الصحراء مجاورة للسعودية، يبدو أن استنساخ تجربة الحرس الثوري تسير بخطى واثقة".

الجدير بالذكر أن تواجد هذه الميليشيا في محافظة "المثنى"، وتوسعها فيها ليس جديداً. في تصريح يعود لبداية العام 2017م، قال نائب رئيس مجلس محافظة المثنى، حارث لهمود، لوكالة "النبأ" للأخبار إن "بادية المثنى خطر حقيقي بسبب مساحاتها الشاسعة وامتداد حدودها مع السعودية ووجود بعض الممرات لذا يجب ان تشكل أفواج من الحشد الشعبي لها بعد ما اصبحت الهيئة تابعة لرئيس الوزراء". وكان ذلك بعد حوالي شهرين من إصدار البرلمان العراقي قانونًا جديدًا يقنن وضع قوات "الحشد الشعبي"، التي تمثل الفصيل غير النظامي الأبرز في البلاد.

وأضاف لهمود بتاريخ 18 كانون الثاني 2017م أن "بإمكان هيئة الحشد الشعبي تشكيل افواج من أبناء المحافظة ممن لديهم الرغبة بالتطوع ضمن هذه الأفواج وجلب أسلحتهم الشخصية للمساهمة بحماية تلك المناطق ومراقبة الشريط الحدودي".

وما يسمى بـ"الحشد الشعبي"، هو ميليشيات شيعية مكونة من عدة فصائل، أعلن عن تشكيلها منتصف عام 2014 بمبرر "محاربة تنظيم الدولة الإسلامية"، عقب فتوى أطلقها المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني.

وفي البداية كانت هذه الميليشيا المتهمة بارتكاب مجازر طائفية، غير نظامية، لكنها تحولت نتيجة ضغوط من الحرس الثوري الإيراني ورجال الشيعة المتحكمين بزمام الأمور في البلاد منذ الغزو الأمريكي للعراق في 2003، إلى قوات نظامية إلى جانب قوات الجيش العراقي، ويبلغ أعداد هذه الميليشيا حوالي 150 ألف عنصر، وفقا لتقديرات عسكرية.


 

 
شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص