أهم الأخبار

"تعليم في العراء ومراكز بلا مَبَانٍ".. الحرب تحول عشرات المدارس في تعز الى "ركام" وتحرم آلاف الطلبة من التعليم

2023-02-04 الساعة 07:13م (يمن سكاي - )

نهى الصلوي - المصدر أونلاين

تعرضت العديد من المدارس في اليمن منذ بداية الحرب في البلاد، لأشكال من الدمار الجزئي أو الكلي، ويعاني الطلاب جراء ذلك مشكلات وصعوبات مختلفة. 

وما إن تبتعد خطوط الاشتباك قليلا حتى يجد الطلاب أنفسهم في مدارس تفتقد لأبسط مقومات العمل، حيث يدرس الطلاب بين الركام وفي مباني متهالكة، ويتعرضون لمخاطر كثيرة.

وأثرت الحرب على التعليم بطرق مباشرة كتعرض المدارس للقصف أو وقوعها في مناطق مواجهات مسلحة وغير مباشرة كتقادم بعض المباني المدرسية وتهالك الأثاث مع صعوبة التعويض والتحديث بسبب انهيار مؤسسات الدولة وحالة الارتباك العامة وشحة الموارد الاقتصادية وغياب الخطط التنفيذية.

تلك المشاكل أدت إلى توقف العملية التعليمية في عدد من المدارس والمناطق وتسرب الطلاب والطالبات من التعليم بنسب مرتفعة.

بعض المدارس التي مازالت مؤهلة نسبيا فتحت أبوابها للطلاب القادمين من المدارس التي باتت كومة من الدمار، الأمر الذي ساهم في تضيق الخناق على المدرسين والطلاب، حيث استقبلت المدارس اعدادا تفوق طاقتها الاستيعابية، ما تسبب في تدمير الاثاث المتهالك وضعف الحصيلة التعليمية لزيادة اعداد الطلاب وتراجع عدد المعلمين خاصة في ظل عدم انتظام عملية صرف المرتبات.

وبحسب إحصائيات مكتب التربية والتعليم في محافظة تعز، فإنه وخلال سنوات الحرب دُمر ما يقرب من 229 مدرسة في المحافظة وحدها، منها 61 مدرسة تعرضت لدمار كلي، و168 لدمار جزئي، ما تسبب في حرمان أكثر من 250 ألف طالب وطالبة من التعليم في مدارسهم.

مدرسة البيان الأساسية في صبر الموادم واحدة من عشرات المدارس التي تفتقد لأبسط المقومات، فالطلاب يدسون في مدرسة بلا مبنى يوفر لهم بيئة تعليمية آمنة، حيث يدرس الطلاب في فصل هو عبارة عن ملحق لجامع القرية، ما دفع بأحد الأهالي الى التبرع بقطعة أرض لبناء مدرسة، وعمل المنتدى الإنساني على رفع الاحتياجات لبناء فصلين دراسيين للطلاب، وتم تنفيذ المشروع بدعم من هيومن آبل.

بشير التبعي، المدير التنفيذي لمنظمة الشباب للتنمية والديموقراطية، الى أن المنتدى الإنساني عمل أيضا على بناء حمامين في مدرسة 6 أكتوبر في منطقة "الصناحفة" التابعة لمديرية مشرعة وحدنان، وترميم أربعة فصول كانت آيلة للسقوط، وتمت المساهمة بتأثيثها بكمية من الكراسي، وتوفير بعض الاحتياجات الاخرى اللازمة.

و يقول "محمد علي" أحد أهالي المنطقة بأنهم كانوا يخافون على أبنائهم من سقوط الفصول الدراسية المتهالكة على رؤوس الطلاب الذين اشار احدهم إلى أنهم في أحيان كثيرة كانوا يفضلون الدراسة في العراء خوفًا من سقوط المبنى عليهم في أية لحظة.

حلول اجتماعية

في ظل استمرار الحرب والغياب الرسمي الفاعل لعبت المبادرات المجتمعية دورا حيويا في مواجهة عدد من المشكلات من اجل تفعيل هذا القطاع الهام في البلد.

في مديرية الشمايتين تمثل مدرسة عبد الرحمن الغافقي الاساسية الثانوية كبرى المدارس هناك، حيث تستقبل طلابا وطالبات من 3 دوائر انتخابية.
انشأت هذه المدرسة مطلع ثمانينيات القرن الماضي ولم تحظ بتحديث اثاثها المتهالك باستثناء بعض الاضافات في المقاعد خلال تسعينيات القرن الماضي.

خلال سنوات الحرب استقبلت هذه المديرية نازحين بقدر سكانها المقيمين بحسب احصاءات منظمات عاملة، مع العلم بأن المديرية تأتي على راس قائمة المديريات الأعلى نسبة في عدد السكان وهي الاعلى في استقبال اعداد النازحين ايضاً.
وخلال سنوات الحرب والنزوح المستمرة حتى الان استقبلت مدرسة الغافقي وماتزال اعدادا من الطلاب تفوق طاقتها الاستيعابية وامكانياتها من اللوازم التعليمية وعلى راسها المقاعد التعليمية، وتضم المدرسة ما يقرب من 1000 طالب وطالبة ومقاعد اقل بكثير من هذا العدد.

شهدت المديرية الواقعة جنوب غرب محافظة تعز خلال سنوات الحرب نشوء عدد من المبادرات المجتمعية الطوعية التي انضوت لاحقا ضمن كيان يعرف بـ ملتقى مبادرة الشمايتين لكن المبادرات ظلت وماتزال تعمل بشكل متحد وذاتي نظراً لكثرة الاحتياجات المجتمعية.

خلال العام الدراسي 2021 الذي شهد صعودا في مؤشرات اعداد الطلاب عجزت المقاعد الدراسية التابعة للمدرسة عن استيعاب الطلاب ما مثل تحديا امام ادارة المدرسة والوحدة التعليمية للمديرية واحتياجا حقيقيا لمئات الطلاب. عمل ملتقى مبادرات الشمايتين على دراسة الموقف وبحث امكانية الاستفادة من حطام المقاعد منتهية الصلاحية التي تشكل ركاما كبيرا في احدى زوايا الفناء المدرسي.

وبمساعدة عدد من الفنيين المحترفين تبين إمكانية إعادة تدوير البقايا المعدنية وتوفير عدد جيد من المقاعد معادة التصنيع. وضع شباب وشابات الملتقى خطة تنفيذية لتحويل الفكرة الى واقع فبادر الشباب في التنظيم والتنسيق والاتصال.

نجح الملتقى في توفير قدر من التمويل يكفي لاعادة تركيب وتصنيع بضع مئات من المقاعد الدراسية من خلال اعادة تدوير الركام المعدني المهمل وتوفير الاخشاب اللازمة لاستكمال اعادة التصنيع.

وتمكنت تلك الجهود المشتركة التي نظمها ملتقى مبادرات الشمايتين من اعادة تصنيع نحو 300 مقعد مدرسي فردي ومزدوج احدثت فرقا وساهمت في اعادة تمكين نحو 500 طالب وطالبة من مواصلة التعليم على مقاعد آمنة".

حنين ياسين رئيس ملتقي مبادرات الشمايتين تقول: "كانت بقايا هياكل الكراسي القديمة موزعة داخل الفصول لكنها لم تكن تمثل حلا بل مشكلة مؤذية للطلاب الذين لابديل امامهم سوى تجميعها بطريقة ما لمحاولة التمكن من الجلوس غير الآمن وكان علينا كمبادرات اجتماعية ان نتصرف، وقد نجحنا في ايجاد حل للمشكلة".

ويقول محمد عبدالله أحد طلاب المدرسة إن "فصول المدرسة وفنائها كانت ممتلئة بركام من بقايا مقاعد قديمة غير صالحة للاستخدام تسببت محاولات استخدامها للجلوس في ايذاء الطلاب فيما تسبب خلو الفصول من المقاعد في تغيب الطلاب والطالبات عن الحصص التعليمية. ويضيف:" كنا نستخدم قطع الكرتون لحماية ملابسنا واجسامنا من خطر استخدام تلك البقايا او نتغيب عن حضور الحصص، لكن الامر تغير الآن لقد بتنا نمتلك مقاعد حقيقية صالحة تماما للاستخدام الامن بفعل ملتقى مبادرات الشمايتين".

أكثر من مكان

لعبت بعض المنظمات دورا في ترميم الهياكل الانشائية لبعض المدارس المتضررة من الحرب كما هو الحال شرقي مدينة تعز من خلال مشاريع محدودة التمويل وظلت الحاجة الى اعادة ترميم ابواب الفصول وتوفير المقاعد شاغرة قبل ان تتمكن هذه المدارس من فتح ابوابها لاستقبال الطلاب.

مبادرة "أشواق" مبادرة شبابية مجتمعية امكنها تكرار التجربة ذاتها في مكان آخر حيث نجحت في اعادة تدوير بقايا الركام المعدني والخشبي وانتاج ابواب للفصول ومقاعد للدراسة الامر الذي مكن تلك المدارس من استعادة نشاطها التعليمي كما حدث في مدرسة الحياة التعليمية ومن ثم تكرار التجربة لا عادة تفعيل مدارس الخنساء والإحسان والفاروق شرقي مدينة تعز.

في مديرية المسراخ الواقعة جنوب مدينة تعز والتي كانت ساحة للمعارك، عمل الأهالي على تأسيس تعاونيات مجتمعية لغرض اعادة تأهيل مبنى تعليمي في المنطقة، حيث عملت تعاونيات اهالي الارياف تلك على اعادة تأهيل وتفعيل مدرسة العرفان القديمة كبديل تعليمي للمدارس المتضررة.

الحلول هنا ليست كلية بالطبع فماتزال الحاجة قائمة لإعادة تأهيل وتفعيل عشرات المدارس التي خرجت عن الخدمة بسبب الحرب او التقادم الزمني، غير ان ثمة تجربة انتجت حلولا حقيقة قابلة للتكرار في اماكن مختلفة يمكنها ان تشكل طريقا لإصلاح ماتبقى.

*تم إنتاج هذه المادة بدعم من مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص