أهم الأخبار

الدولة في خدمة عوائل المسؤولين.. فضيحة منح الابتعاث الدراسي إلى خارج اليمن تثير موجة سخط عارمة على مواقع التواصل الاجتماعي

2022-12-04 الساعة 04:32م (يمن سكاي - المصدر أونلاين)

كشفت وثائق رسمية عن تصدر أبناء مسؤولين في الحكومة الشرعية ونافذين وقيادات حزبية قائمة المنح الدراسية الممنوحة لليمن في الخارج، في قضية أثارت موجة غضب عارمة على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

وتسربت مساء الجمعة، كشوفات المنح المعتمدة لدى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لعدد نحو خمسة آلاف مبتعث في الدراسات الجامعية والعليا، لتكشف عن جزء من الفساد والعبث الذي تمارسه قيادات الدولة الذين حولوا الدولة إلى إقطاعية خاصة بطموحاتهم وأبنائهم.

 

ويظهر ما استطاع النشطاء معرفته من أسماء الشخصيات المعروفة والمقربون منها، مسؤولون رفيعون في الدولة وزراء ومحافظون ودبلوماسيون ومسؤولون في وزارة التعليم العالي وقادة في الجيش من مختلف التوجهات السياسية والحزبية، يختلفون في كل شيء ويتفقون فقط في "انفعني انفعك، مشي ابني امشي ابنك"، وفق تعبيرات النشطاء على مواقع التواصل.

 

وكان على رأس تلك الكشوفات رئيس مجلس القيادة، رشاد العليمي، الذي أظهرت كشوفات المستحقات المالية للطلبة المبتعثين حصول نجله واثنين من أحفاده على مقاعد ومنح مالية للدراسة في كندا، مروراً بمعظم قيادات الدولة الذين حصل مقربون منهم على منح في دول مختلفة، بناء على مكانة الأب و"شطارته" وقدرته على الاستحواذ.

 

وشملت كشوفات الفساد شخصيات من مختلف الأحزاب السياسية التي يبدو أنها تقاسمت الغنائم كما تقاسمت مناصب الدولة، وفق رأي الناشط عفيف العباب، الذي قال: "انشغلت انا وانت بالخلافات السياسية بين الإصلاح والمؤتمر والانتقالي وبقية الأحزاب السياسية، وقيادات تلك الأحزاب يجلسون في غرف متقابلة يتبادلون المصالح ويؤمنون مستقبل أولادهم".

 

وقال فخر العزب: "أنا لا زلت مهموما بتوفير الأقساط حق المدرسة حق مازن ومبارك، وعيال المسؤولين يلعبوا بالمنح ترفيعات. قد المسؤولين أثرياء جدا من عرق الكادحين، ليش عاد يزاحموهم بالمنح!؟ ليش؟".

 

من جهته قال عبدالعزيز المجيدي: "تصور: مسؤولون ومعارضون أيضا راكموا أموالاً ضخمة من أيام عفاش، ثم جاء عهد اللجنة الخاصة والحرب، فتحولوا إلى أباطرة بمصادر متعددة، تبدأ بالتجارة ولا تنتهي بالعلاقات العابرة للحدود مع الدول والأنظمة وحتى العصابات. مع هذا يتمسكون باللصوصية حتى آخر قطرة خجل ويصرون على الاستحواذ على فرص البسطاء في زمن حرب لم يعد الناس يمتلكون قوت يومهم".

 

وختم حديثه بالقول: "ليس هناك من يضاهي فساد ضمير المسؤول اليمني إلا مسؤول آخر يحمل نفس الجنسية".

 

وقال الصحفي حسن الفقيه: "تخيلوا أن هؤلاء الأوباش ليسوا مستعدين يخسرون على عيالهم ويدرسونهم على حسابهم، وهم يتقاضون رواتب بالعملة الصعبة وباتت أمورهم فل الفل، ولديهم شقق ومشاريع في مختلف عواصم الشتات، بل قاموا يزاحمون على المنح لأولادهم بكل صفاقة وقلة حياة. وليت الأمر مزاحمة، بل ابتلاع واستئثار الواحد منهم يلحق الأولاد كلهم بالكشف لا واحد ولا اثنين".

 

وخاطب هشام المسوري المسؤولين بالقول: "طيب اسرقوا هذا الشعب وموارده وحقه في التعليم والصحة والعمل بالطريقة التي ترونها مناسبة لكم في مرحلة عودة الإمامة والانحطاط. لكن اسلكوا طريقة مناسبة لتأهيل عيالكم. لا توفروا كل شيء لهم بسهولة مثل الجواري ونساء الطبقات المخملية الراقية.. أومن يُنشَّأُ في الحِليَةِ؟. اتركوهم يشتغلوا شوية ويبذلوا جهود ذاتية على الأقل في مرحلة الدراسة التي تلعب دورا كبيرا في في تكوين الذات والشخصية. الاعتياد على المال السهل والفرص السهلة يتحول إلى إدمان ويفسد التطلعات المهنية والفكرية والأخلاقية والسياسية لديهم، ويركّز حياة الأبناء وأولوياتهم في البحث عن الملذات. ساعتها المنحة الدراسية تكون طريقهم للمحنة".

 

وتضمنت تلك الكشوفات مبالغ مالية تصل إلى ما يزيد عن ألفي دولار لبعض المنح، وتساءلوا، كيف للدولة أن تجد المبالغ المالية لكل هؤلاء، وعندما تصل لملف مهم مثل علاج جرحى الحرب تشتكي الفقر والحاجة، في إشارة إلى لجنة علاج الجرحى التي أعلنت في بيان قبل يومين وقف علاج جرحى الجيش في الخارج بسبب تخلي الحكومة عن جرحاها.

 

وقال الصحفي أحمد شبح: "عيال المسئولين يدرسوا في الخارج ومخصصاتهم تصرف، بينما مخصصات علاج الجرحى لا تصرف!!"، وهو ما أشار اليه الناشط ماجد الجبلي الذي قال: "بينما تفوح روائح فساد عصابة الشرعية في ملف المنح الدراسية لتزكم الأنوف، نحيطكم علماً أن جراح جرحى الجيش الوطني تتعفن ولم يجدوا قيمة العلاج، اللعنات وحدها لا تكفي".

 

معظم النشطاء يرون أن ما أظهرته هذه الكشوفات لا يمثل إلا جزءا بسيطاً من فساد الحكومة، متسائلين عن كشوفات أخرى، كمنح وزارتي الدفاع والداخلية، وكشوفات المساعدات للمسؤولين في الخارج وبدل الاغتراب التي يتقاضاها المسؤولون ليعيشوا بعيداً عن بلدهم ومكان عملهم، وغيرها.

 

وقال عبدالحليم السعدي: "فضيحة كشف المنح الذي تم تسريبه اليوم يظهر جزءًا تافهًا جدًا من الفساد الإداري والمالي في الدولة. وما خفي أعظم. ولكن لا تتوهوا في الصغار وتنسوا الحيتان الضخمة"، وهو ما تؤيده ندى الإرياني والتي كتبت: "فساد المنح لا شيء يذكر أمام نهب أموال الشعب بكل جرأه ووقاحه لا يردعهم اي وازع ديني أو ضمير وطني.

 

وقال أسامه المحويتي: "وجهة نظري أن لا نستهلك جهدنا في محاربة قضايا الفساد الصغيرة مثل المنح وغيرها، أقسم بالله أن هناك ملفات فساد إذا قارنتها بفساد المنح فكأنك تقارن الزكمة بالسرطان!، فإما أن تكون هناك حملة واحدة لقلع الشرعية من جذورها وعلى كل المستويات، وإلا فإنهم سيستخدمون هذه التسريبات والبعاسس لإلهائنا، وتفريغ شحنات الغضب لدينا، وفي الأخير ذاكرة الشعب هي ذاكرة ذباب، وأكثر قضية تتناولها لن تصمد أكثر من خمسة أيام بالكثير!".

 

ودعا الناشطون الحكومة إلى قليل من الحياء، واتخاذ إجراءات مناسبة حيال مثل هذه الفضائح، ورأى الناشط صالح السلامي أن "كل مسؤول حصل ابنه أو قريبه على منحة دراسية يجب أن يتم وضعه في القائمة السوداء ويخضع للتحقيق ابتداء من رشاد العليمي ومعين وليس انتهاء بخالد الوصابي، غير هذا الاجراء فالأمر سيكون مجرد حملة موجهة تستهدف الشخص السهل".

 

من جانبهم رأى آخرون أن معظم الأسماء في تلك الكشوفات غير معروفة، ما يؤكد أن معظم المنح فعلا لأناس يستحقونها، وأن وجود أبناء المسؤولين لا يعني أن كل المنح فساد، مشيرين إلى أن الكشوفات بحاجة إلى دراسة مهنية والبحث في النسب التي حصل عليها جميع الطلبة في الثانوية العامة لإصدار الحكم عليها.

 

وتساءل نشطاء: هل البلد في وضع يسمح باستمرار مشروع المنح، في ظل أوضاعها الاقتصادية الصعبة والحرب التي تعيشها وطأتها منذ انقلاب ميليشيا الحوثي على الدولة؟

 

وحمل نشطاء وزير التعليم العالي الوصابي مسؤولية تلك الكشوفات في استمرار للجدل الحزبي العقيم باعتبار الوزير ينتمي لحزب الإصلاح، فيما سارع نشطاء ينتمون للحزب في إبراز أبناء شخصيات قيادية في الأحزاب الأخرى، مدافعين عن الوزير الذي قالوا إنه تسلم الوزارة حديثاً بينما الخلل قائم منذ سنوات، مشيرين إلى أن معظم هذه المنح اعتمدت في زمن الوزير السابق باسلامة، مع اعتبار الوزير الحالي يتحمل جزءا من المسؤولية.

 

وسبق للوزارة أن أصدرت بياناً قبل أسابيع عبر مسؤول لم تسمه في قطاع البعثات، بالتزامن مع تصريح الوزير لإذاعة تابعة للانتقالي حول اتهامات باعتماد مساعدات مالية للطلاب بصورة مخالفة للقانون والتوجيهات العليا، وقال إن تلك الاتهامات "تهدف إلى تشويش الانطباع الإيجابي الذي تكون عن أعمال القطاع بشكل تصاعدي، والشفافية في الإجراءات التي يتخذها القطاع في كافة معاملاته والتعامل بروح المسؤولية أمام كل القضايا والملفات التي تصل إليه في ظل ظروف غاية في الصعوبة وضغوط تمارس من جميع القوى السياسية والمدنية والعسكرية، وفي خضم معاناة اقتصادية لجميع الأسر اليمنية ألقت بظلالها على أوضاع الطلاب في الداخل والخارج".

 

وقال المصدر "إن ما تناقلته بعض المواقع الإعلامية عن اعتماد 170 منحة مالية للطلبة الدارسين في حوالي37 دولة بالمخالفة لتوجيهات رئاسة الوزراء وبطريقة غير قانونية، هو كلام عار عن الصحة"، موضحاً "أن الوزارة تعتمد سنويا منذ العام 2017 عدداً من المقاعد للطلبة الدارسين في الخارج على نفقتهم الخاصة، بهدف التخفيف من معاناة الطلبة وأهاليهم، خصوصا مع الأزمة الاقتصادية الحالية والتي تسببت في عجز كثير من الأسر عن توفير المساعدة المالية لأبنائها في الخارج".

 

وأضاف المصدر "أنه خلال العامين 2018 و2019م اعتمد القطاع عددا كبيرا من المساعدات المالية للطلاب تجاوز عددهم 1500 طالب وطالبة في العام، وبلغ عدد الطلاب الدارسين في الخارج (منح تبادل ثقافي + مساعدات مالية) في الربع الرابع 2019م حوالي (6569) طالب وطالبة وبإجمالي مبلغ وقدره 11.823.655 دولار".

 

وتابع: "مع مطلع العام 2020 م ونتيجة للأزمة العالمية وتدهور الوضع الاقتصادي بدأت الوزارة سياسة التقليص في الابتعاث، حتى وصل إجمالي الطلبة المبتعثين في الخارج (منح تبادل ثقافي + مساعدات مالية) في الربع الثاني 2022م حوالي (4028) طالب وطالبة وبإجمالي مبلغ وقدره 7.111.830 دولار".

 

وأشار إلى "أن مجموع أعداد الطلاب الدارسين في الخارج انخفض بحوالي (2541) طالب وطالبة، كما انخفضت الاعتمادات المالية للطلاب في الخارج بأكثر من 4.711.825 دولار في الربع الواحد (أي أكثر من 18 مليون دولار في العام)".

 

وعبر المصدر في تصريحه المدعم بالوثائق، عن أسفه "للتصريحات التي تناقلتها بعض وسائل الاعلام عن مدير عام البعثات السابق في الوزارة والتي تحاول تشويه الوزارة والعمل في القطاع، ليس حرصا منه على المال العام أو بغية تقليص الاعتمادات المخصصة للطلبة في الخارج، بل بسبب رفض قيادة الوزارة تمرير بعض الملفات "المخالفة للمعايير" التي تقدم بها مدير عام البعثات السابق لاعتمادها ضمن المساعدات المالية للربع الرابع 2021م وبحسب نتائج التحقيق الذي اجرته الإدارة العامة للشؤون القانونية في اغسطس الماضي، ففي الوقت الذي كان المذكور يبعث برسائله الى الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة كان يضغط على قيادة الوزارة للحصول على منحة دراسية لأحد أقارب".

الأكثر زيارة
شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص