2021-09-12 الساعة 04:23م (يمن سكاي - المصدر أونلاين)
هاجمت ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران يوم السبت، ميناء المخا بأربعة صواريخ وثلاث طائرات مسيرة غداة وصول وفد حكومي من وزارات النقل والمالية والزراعة وممثلين عن وزارات ومكاتب حكومية أخرى، إيذاناً بإعادة تشغيل الميناء بشكل رسمي، بحسب ما أوردته وكالة سبأ الحكومية.
الهجوم أدى الى اشتعال النيران في صهاريج المرفأ البحري وهناجره، وخلف دماراً هائلاً وأتلف مخازن منظمات إنسانية وبضائع خاصة بتجار في تحد صارخ للجهود الأممية والدولية المبذولة للتخفيف من الأزمة الإنسانية في البلاد، وفق بيان لوزارة الخارجية في الحكومة.
وفي وقت متأخر من مساء السبت، أعلنت "القوات المشتركة" (اسم يضم قوات العمالقة، وطارق صالح، والمقاومة التهامية) أن الهجوم لم يحقق هدفه في تعطيل المرفأ، مشيرة الى أنها تمكنت من إفشاله جزئياً حيث أسقطت ثلاث من ست طائرات مسيرة.
أضافت في بيان صدر عنها أن الهجوم يكشف طبيعة الميليشيا "الإرهابية والتي تتجلى بوضوح في استهدافها لميناء تجاري مدني شرعت السلطات المدنية لتوها في إعادة تشغيله واستئناف العمل فيه وفي فعالية تدشين رسمية شارك فيها المنسق المقيم للأمم المتحدة، السيد ديفيد جريسلي".
أغراض اقتصادية
يقع ميناء المخا في المديرية التي تحمل الاسم ذاته بمحافظة تعز جنوب غربي اليمن، ويعد من أهم الموانئ اليمنية في البحر الأحمر، ومنذ تحريره من سيطرة ميليشيات الحوثيين قبل عدة سنوات، تسيطر عليه قوات طارق صالح المدعوم من دولة الإمارات العضو في التحالف المساند للحكومة الشرعية ضد الحوثيين.
ظل المرفأ التاريخي والاستراتيجي موقّفاً عن العمل خلال السنوات الماضية سوى من استخدام ضئيل لأغراض عسكرية للتحالف، وهو ما لم ير الحوثيون فيه بأساً في ظل امتلاك موانئهم الحق الحصري في الاستيراد، لكن الأمر اختلف مؤخراً مع بدء العمل على تشغيله لأغراض اقتصادية وإنسانية.
بات الحوثيون يرون فيه منافساً للموانئ الواقعة تحت سيطرتهم على الشريط ذاته كميناءي رأس عيسى والصليف وميناء الحديدة، على اختلاف في الإمكانات والأهمية الاستراتيجية. إذ من شأنه في حال عاد للعمل بطاقته الطبيعية أن يخدم أكبر كتلة سكانية في اليمن والمتركزة في محافظتي إب وتعز بمدينتها المحاصرة حوثياً منذ سنوات طويلة.
وتعتبر ميليشيا الحوثي الموانئ ورقة رابحة بالنسبة لها على المستويين الاقتصادي والسياسي، فبقاء المرافئ الواقعة تحت سيطرتها حيوية للأعمال الإغاثية والإنسانية يمنحها عائدات ضخمة ويسهل استغلال المساعدات، إضافة لكون الشأن الإنساني الورقة الأهم التي لعبت عليها الميليشيا لاستجلاب الضغط الدولي المعيق لتقدم القوات المناوئة والمدعومة من التحالف نحو الحديدة عام 2018، ولا تزال هي ورقتها الأكثر فائدة أمام المجتمع الدولي حتى اليوم.
لذلك ومع التحركات الحكومية مؤخراً لإعادة تشغيل ميناء المخا والاستفادة منه في الشأن الاقتصادي والإنساني أظهرت ميليشيا الحوثي عدم ارتياح لتلك الخطوة، وأبلغ فريقها في لجنة إعادة الانتشار الأمم المتحدة في الأول من الشهر الجاري، عن تحفظات بخصوص ما قال إنه استخدام للميناء "في زعزعة أمن الملاحة البحرية ".
وزعم رئيس فريق الحوثيين في اللجنة حمود الموشكي يومها، ان الميناء الذي كان عاد الى العمل بشكل محدود، يستخدم "كمحطة وصول لمختلف أنواع الأسلحة والمتفجرات والألغام".
في الوقت ذاته وعقب الحديث عن ميناء المخا دعا الموشكي، الأمم المتحدة إلى الوفاء بالتزاماتها بشأن تأهيل الموانئ الخاضعة لسيطرتهم في الصليف ورأس عيسى وتوفير الكهرباء لأبناء الحديدة، لافتاً إلى الاتفاق مع "البرنامج الإنمائي" لإعادة تأهيل الموانئ المذكورة وتأمين الكهرباء لأبناء الحديدة وتقديم الدعم اللازم للمركز الوطني للتعامل مع الألغام.
كان بيان الخارجية اليمنية بخصوص استهداف ميناء المخا قد دعا "الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، الى إدانة الجرائم الحوثية واتخاذ موقف حازم إزاءها ومعاقبة مرتكبيها وعدم مقابلتها بالصمت" مؤكداً أن الهجوم على منشأة مدنية ما كان ليحدث لولا إفلات الميليشيا من العقاب عن جرائمها المتكررة في حق الشعب اليمني في مختلف مناطق اليمن.
لكن وحتى اللحظة بعد مرور ساعات طويلة على الهجوم لم يصدر عن لجنة مراقبة وقف إطلاق النار أو عن المبعوث الأممي ولا أي جهة تتبع المنظمة الدولية أي تصريح بالخصوص، على غير عادة المنظمة الأممية وبعثتها في الحديدة التي تبادر لإدانة أي من أشكال العنف في المنطقة المشمولة باتفاق ستوكهولم الموقع بين الحكومة والحوثيين برعايتها في السويد نهاية العام 2018.
الصمت الأممي بدا غريباً كونه جاء بعد أن نسبت وسائل إعلام الحوثيين لرئيس البعثة الأممية أبهيجيت جوها، التعبير عن قلقه "من الاستخدام العسكري لميناء المخاء وما يشكله ذلك من زعزعة لأمن الملاحة البحرية" وذلك خلال رده على البلاغ المقدم من الحوثيين.
وعلى الرغم من أن البلاغ الحوثي آنف الذكر بدا كتلويح بأن الميليشيا قد تهاجم الميناء متذرعة بمزاعم استخدامه في أعمال عسكرية، اكتفى جوها بالقول إن الميناء "يُعد خارج إطار اتفاق استوكهولم وخارج أجندة عمل البعثة" وفقا لإعلام الحوثيين.
تصريحات جوها تثير بحسب مراقبين، استفهامات حول طبيعة عمل البعثة، لاسيما في ظل اتهامات حكومية مباشرة لها بعدم الحياد وخضوعها للميليشيا نتيجة عملها من مناطق سيطرتها، رغم المطالبات الحكومية المتكررة بنقلها.