أهم الأخبار

من الأمريكي "رالف بانش" إلى السويدي "هانس جرندبيرج".. الفشل بانتظار المبعوث الأممي السادس إلى اليمن!

2021-08-07 الساعة 12:42ص (يمن سكاي - المصدر أونلاين)

وأخيرا، أعلنت الأمم المتحدة، رسمياً، تعيين السويدي "هانس جرندبيرج"، مبعوثاً خاصاً إلى اليمن، ليصبح المبعوث السادس لهذه المنظمة الأممية، إلى هذا البلد المنكوب بحروب أهلية، تنتهي واحدة لتبدأ أخرى.

لا يبدو بأن المبعوث الجديد "هانس"، سيكون خاتم المبعوثين الأمميين إلى اليمن، بحسب كل المؤشرات، التي تشير إلى أن حبال الحرب لا زالت طويلة، وما تعيين مبعوثين، إلا دليل على أن مشوار الحرب مستمر.

وبين مبعوث رحل، وآخر وصل، ثمة قاسم مشترك بين المبعوثين الأمميين إلى اليمن، وهو الفشل في تحقيق أي إنجاز يذكر، وهو ما يتضح من خلال استعراض مسيرتهم، في هذا التقرير الخاص بـ"المصدر أونلاين"، وكأن السلام والمبعوثين خطان متوازيان.

 

 

 

 المبعوث الأول

ابتدأت مسيرة المبعوثين الأمميين إلى اليمن، في ستينيات القرن الماضي، وتحديداً بعد ثورة 26 سبتمبر 1962، ضد نظام الأئمة الكهنوتي، في شمال اليمن.

إذ أعقب هذه الثورة، حرب أهلية بين الثوار الأحرار، الذين عرفوا باسم "الجمهوريين"، وبين أنصار النظام الإمامي المتخلف، والمعروفين باسم "الملكيين".

ومع كل حرب أهلية تندلع في أي دولة بالعالم، ترسل الأمم المتحدة مبعوثاً لها، لفترة محددة، بهدف التواصل مع الأطراف المتنازعة، ومحاولة تقريب وجهات نظرهم، والعمل كميسر للوصول إلى حل.

ولهذا عينت الأمم المتحدة، في يناير 1963، الأميركي "رالف بانش" مبعوثاً خاصاً إلى شمال اليمن، والذي بدوره شرع في رحلات مكوكية بين القاهرة والرياض، بهدف تهدئة الأوضاع، فقد كانت مصر، الداعم الرئيس لـ"الجمهوريين"، وكانت السعودية، الداعم الرئيس لـ"الملكيين"، حينها.

رالف هانش

ولا تتوفر معلومات كافية عن المبعوث "بانش"، والمهام التي قام بها، ويلاحظ أن أهم المذكرات التي صدرت عن تاريخ ثورة 26 سبتمبر، لم تتطرق لدوره، مما يؤكد بأن هناك تفاصيل لا زالت مجهولة عن تاريخ هذه الثورة العملاقة.

ويكاد الباحث الغربي "آشير أوركابي"، مؤلف كتاب "التاريخ الدولي للحرب الأهلية اليمنية 1962 – 1968"، هو الوحيد الذي تناول المبعوث "بانش"، وقد أورد في كتابه، أن البعثة الأممية اضطرت للانسحاب من اليمن، بعد سنوات من عملها، نتيجة اتهامات لها بالقيام بأدوار سلبية ومشبوهة.

وأما بالنسبة لجنوب اليمن، فلم ترسل الأمم المتحدة مبعوثاً خاصاً إليه، ويرجع مراقبون ذلك إلى كون دورات العنف الأهلية التي شهدها جنوب اليمن، بعد اندلاع ثورة 14 أكتوبر 1963، كانت قصيرة.

كما لم يتم تعيين مبعوث أممي لحل الصراعات، التي كانت تنشب بين شمال اليمن وجنوبه، والسبب، بحسب مراقبين، يعود إلى كون تلك الصراعات كانت محصورة في مناطق حدودية، ولفترات محدودة، وكانت الوساطات العربية هي العامل الأكبر في تهدئتها.

 

 

 

الأخضر ثانيا

بعد تحقيق الوحدة اليمنية، في مايو 1990، سرعان ما دبت الخلافات بين شريكي تحقيق الوحدة، وهما الحزب الاشتراكي اليمني والمؤتمر الشعبي العام، وتصاعدت الخلافات حد اندلاع الحرب، في صيف 1994.

ومع اشتداد المعارك، عينت الأمم المتحدة مبعوثاً خاصا إلى اليمن، وهو الدبلوماسي الجزائري "الأخضر الإبراهيمي"، الذي التقى الرئيس اليمني حينها علي عبدالله صالح، في صنعاء، والتقى نائبه يومها علي سالم البيض، في المكلا.

الأخضر الإبراهيمي

كما جمع "الإبراهيمي"، ممثلين لكل طرف، هما المهندس حيدر أبو بكر العطاس، والدكتور عبدالكريم الإرياني، وكان المبعوث الأممي، يخطط لجمع الأطراف في اجتماعات خارجية، لكن الوقت لم يسعفه، إذ حسمت الحرب سريعا.

وفي لقاءات صحفية نشرت قبل سنوات، في صحف عربية ودولية، لخص "الإبراهيمي"، مهمته بالقول: "حسم السلاح الموقف، ولم يكن الهامش المتروك للوساطة من النوع الذي يتيح التحرك للتأثير على مجرى الأحداث".

 

 

 

بنعمر أشهرهم

جاء عام 2011، بالربيع العربي، ودخلت اليمن مرحلة جديدة وحساسة بخروج الشباب بثورة في 11 فبراير، للمطالبة برحيل نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذي قابل مطالب الشباب بالمراوغة والعنف، والوعود الكاذبة.

وسيطرت على الداخل والخارج مخاوف من خروج الوضع عن السيطرة، واندلاع حرب أهلية مدمرة ، في ظل شعب مسلح، وجيش مترهل، وانقسام في الشارع اليمني.

وبهدف نزع فتيل التوتر المتصاعد، عينت الأمم المتحدة الدبلوماسي المغربي "جمال بنعمر"، مبعوثاً خاصاً إلى اليمن، في أبريل 2011، وأنشأت له مكتباً لإدارة جهودها للتوصل إلى اتفاق سياسي في البلد.

جمال بنعمر

وقالت الأمم المتحدة، إن مهمة بعثتها، هي رعاية عملية انتقالية سياسية سلمية وشاملة، تلبي المطالب والتطلعات المشروعة لليمنيين، بما في ذلك النساء، من أجل التغيير السلمي والإصلاح الشامل والمجدي.

وبدأ "بنعمر" مهمته، بعقد لقاءات مع الأطراف السياسية، وكانت لقاءات تدور في حلقة مفرغة، نظرا لمراوغات "صالح" المعروفة، لكن حدثاً غير قواعد اللعبة، في يونيو 2011، وهو الانفجار الذي استهدف "صالح"، في جامع النهدين، بدار الرئاسة.

إذ رأى المجتمع الدولي بأن صفحة "صالح" انتهت، ويجب أن تطوى، فخرجت دول مجلس التعاون الخليجي، بقيادة السعودية، بمبادرة عرفت بالخليجية، وقعت في نوفمبر 2011، بالرياض، كخارطة طريق لعملية انتقالية في اليمن، مما شكل خدمة كبيرة لمهمة "بنعمر".

وبموجب المبادرة الخليجية، جرى انتخاب رئيس توافقي جديد، في فبراير 2012، وهو الرئيس الحالي عبدربه منصور هادي، وأعقب ذلك مرحلة من التفاؤل والأمل بتنظيم مؤتمر الحوار الوطني الشامل، خلال الفترة "مارس 2013 وحتى يناير 2014"، بمشاركة كافة القوى السياسية، بما فيهم الحوثيين.

إلا أن الرياح لم تجر كما تشتهي السفن، فقد كانت هناك ثورة مضادة تقودها مليشيا الحوثي، وبدعم كبير من الرئيس السابق صالح، وتوجت هذه الثورة المضادة بالسيطرة على العاصمة اليمنية صنعاء، في سبتمبر 2014، مما شكل ضربة قاضية لمهمة "بنعمر"، ومثل نقطة سوداء في تاريخه.

 

 

 

تدخل التحالف

لكن "بنعمر"، المتهم بالانحياز لمليشيا الحوثي، يرمي فشله إلى تدخل التحالف العربي، بقيادة السعودية، في مارس 2014، رغم أن التدخل العسكري الخارجي "عاصفة الحزم"، جاء بعد انسداد قنوات الحل السياسي، وأصبحت المفاوضات الجارية حينها، في فندق "موفنبيك"، نوع من العبث لشرعنة الانقلاب.

فمليشيا الحوثي، والقوات الموالية للرئيس السابق صالح، كانت تلعب بالوقت بحوار شكلي، وتسقط المدن عسكريا، ووصلت إلى مشارف عدن، وكانت الطائرات الحربية تنطلق من صنعاء لقصف قصر "معاشيق"، المتواجد فيه الرئيس اليمني، وحوار في أجواء كهذه، مهزلة، وضحك على الذقون.

وسبق تدخل التحالف العربي، تنصل مليشيا الحوثي، عن تنفيذ اتفاق "السلم والشراكة"، الموقع في سبتمبر 2014، والذي لبى كل مطالب الحوثيين، وقد وصف "بنعمر"، لاحقا، هذا الاتفاق بالهزيل، وكان نكسة لمخرجات الحوار الوطني، التي لطالما تفاخر بها المبعوث الأممي، والتي ماتت قبل أن تسجل في رصيده.

وبموت اتفاق السلم والشراكة، خرج "بنعمر"، من اليمن خالي الوفاض، ولم ينجُ من اتهامات الشارع اليمني، وسخط الشرعية اليمنية، وانتقادات دول مجلس التعاون الخليجي، التي اضطرته إلى تقديم استقالته، في أبريل 2015، بعد أربعة أعوام من الفشل، وهي أطول فترة قضاها مبعوث أممي إلى اليمن حتى الآن.

ورغم أنها فترة طويلة، وكفيلة بمنح "بنعمر"، بكالوريوس في القضية اليمنية، إلا أنه يبدو حتى اللحظة غير مدرك لجذر المشكلة اليمنية، بدليل خروجه مؤخرا، للمطالبة بإلغاء قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، واعتباره جزء من المشكلة، وهذا تسطيح كبير، وكأن إلغاء القرار سيأتي بالحوثي إلى السلام هرولة!

 

 

 

ولد الشيخ المستقيل

خلفا لـ"بنعمر"، عينت الأمم المتحدة، الموريتاني "إسماعيل ولد الشيخ أحمد"، مبعوثاً خاصا إلى اليمن، في أبريل 2015، والذي حاول مسك العصا من المنتصف، لكنه يفتقر للخبرة في حل الصراعات، ولا يتمتع بالكاريزما التفاوضية والشخصية القوية، كما يصفه كثيرون.

إسماعيل ولد الشيخ

وحاولت مليشيا الحوثي استمالته بتكريمه بدرع تذكارية، سلمه له القيادي في المليشيات محمد علي الحوثي، في يناير 2016، وقوبل قبول "ولد الشيخ"، للدرع بانتقادات حادة، واعتبره كثيرون نتاج غياب الحصافة السياسية والدبلوماسية.

أجرى "ولد الشيخ"، محادثات سلام تمهيدية، بسويسرا، في ديسمبر 2015، وأكبر إنجاز له هو جمع الفرقاء، في 2016، بمفاوضات استمرت ثلاثة أشهر، بدولة الكويت، وانتهت هذه المفاوضات برفض مليشيا الحوثي، القبول بأي مقترح أو الموافقة على تصورات لإحلال السلام، لتنتهي فعلياً مهمة المبعوث الأممي.

وعندما رأت مليشيا الحوثي أن توظيف "ولد الشيخ"، على غرار سلفه، ليس سهلا، شنت عليه حملة إعلامية، واتهمته بعدم الحياد، ورفضت استقباله، ووصل الأمر إلى قيام المليشيات بإطلاق النار على موكبه أثناء وصوله مطار صنعاء، في مايو 2017، لإحياء مشاورات السلام المتوقفة.

ونتيجة لتعنت مليشيات الحوثي، ونسف كل جهوده، ورفضها التعاطي معه، استقال "ولد الشيخ"، في فبراير 2018، قبل انتهاء فترته الرسمية، وفي نفس الشهر، قدم إحاطته الأخيرة، إلى مجلس الأمن الدولي.

وبوضوح يحسب له، قال "ولد الشيخ"، في إحاطته الأخيرة، إن مليشيا الحوثي لم تقدم أي تنازلات، "وقد تبين في نهاية المشاورات أن الحوثيين ليسوا مستعدين في هذه المرحلة لتقديم التنازلات في الشق الأمني أو حتى الدخول في تفاصيل خطة أمنية جامعة، مما شكل معضلة أساسية للتوصل إلى حل توافقي".

 

 

 

جريفيث وأمل مفقود

وخلفا لـ"ولد الشيخ"، عينت الأمم المتحدة، الدبلوماسي البريطاني "مارتن جريفيث"، مبعوثا خاصا إلى اليمن، في فبراير 2018، واستقبلت مليشيا الحوثي قرار تعيينه بالترحيب، إذ سبق له التواصل مع الحوثيين واللقاء بهم في صنعاء قبل تعيينه.

مارتن جريفيث

 

وكانت التوقعات بأن يحرز "جريفيث"، تقدما نحو السلام في اليمن، كونه عمل سابقا مستشارا لمبعوثين خاصين للأمم المتحدة، والأهم أنه مسنود بدعم دولي كبير، وضغط بلاده، التي تتولى مهمة "حاملة القلم" في الشأن اليمني بمجلس الأمن.

وخلال أكثر من 3 سنوات، لم ينجز "جريفيث"، سوى اتفاق "ستوكهولم"، الذي أعلن عنه في السويد، في ديسمبر 2018، ولم يكن هذا الاتفاق الهزيل نتاج دبلوماسية المبعوث الأممي، الذي حاول انتهاج سياسة تجزئة الحلول.

ولكن نتاج ضغط دولي تعرضت له السعودية، وهي قائدة التحالف العربي، إثر مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، في أكتوبر 2018، بالقنصلية السعودية، في إسطنبول بتركيا.

فالمجتمع الدولي ضد تحرير الحديدة، لأنها ستفقد الحوثيين عنصر قوة كبير، ولهذا تدخل بقوة وضغط على السعودية للضغط على الحكومة اليمنية، للموافقة على الاتفاق المسلوق، لمنع تحرير الحديدة، بغلاف إنساني مشبوه.

وجاء الاتفاق بمثابة طوق نجاة لمليشيا الحوثي، المدعومة من إيران، والتي كادت حينها أن تخسر هذه المدينة الإستراتيجية، ورغم ذلك لم توقع المليشيات على الاتفاق، واكتفت بالموافقة الشفهية!

ولم ينفذ اتفاق "ستوكهولم"، حتى اليوم، باستثناء ما يخدم الحوثي، بوقف معركة الحديدة، وهو ما ساهم بتعقيد الأزمة اليمنية، إذ تفرغت مليشيا الحوثي للهجوم على مأرب، منذرة بأكبر كارثة إنسانية في البلد.

وقد اعترف "جريفيث"، في تصريح صحفي، بأن اتفاق "ستوكهولم" كان قاصراً، وقال إنه تعلم منه درساً بأن الحلول الجزئية لا تجدي.

ولهذا حاول ترقيع فشله، والاستفادة من الدرس المزعوم، بالعمل خلال أكثر من عام، على إعلان مشترك، يتضمن وقفاً فورياً لإطلاق النار، في جميع أنحاء البلاد، والموافقة على عدد من الخطوات الإنسانية والاقتصادية، والشروع في التمهيد لاستئناف المفاوضات السياسية حول صيغة الحل النهائي.

وفي سبيل هذه المهمة، سوق "جريفيث"، الوهم، من خلال جولات مكوكية شملت عدة عواصم عربية وغربية، وطهران أيضاً، وبإحاطات وتصريحات تتحدث زوراً عن تقدم في مسار الحل السياسي، وتارة بعقد لقاءات شكلية، مع مجموعات نسوية.

وبالأخير، وجد "جريفيث"، نفسه أمام طريق مسدود، بعد أن عجز عن إقناع مليشيا الحوثي، بالقبول بالإعلان المشترك، وهي الضربة القاضية له، وفي بيان صحافي له، في مايو 2021، قال إن تحركاته "ليست في المكان الذي يود أن نكون فيه".

وأمام مجلس الأمن، وفي إحاطته الأخيرة، منتصف يونيو الماضي، اعترف "جريفيث"، بفشله في تحقيق السلام ووقف الحرب، وقال "على مدار السنوات الثلاث الماضية من عملي في اليمن، قدمنا العديد من الفرص، لكن دون جدوى".

ورغم فشله في مهمته في اليمن، جرى تعيينه وكيلا للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، في مايو الماضي، ليأتي مبعوث أممي جديد، بحاجة لوقت لاستيعاب مكر مليشيات الحوثي، وعندما تستهلك المليشيات صلاحيته، ستقوم بمهاجمته إعلاميا، والامتناع عن مقابلته، لتعود الأمور إلى المربع الأول، وهكذا في مسلسل يبدو بلا نهاية.

 

 

 

المبعوث الجديد

الدبلوماسي "هانس جرندبيرج"، هو المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن، والذي يشغل منذ سبتمبر 2019، منصب سفير الاتحاد الأوروبي إلى اليمن، ورأس قبل ذلك، قسم الشؤون الخليجية في وزارة الشؤون الخارجية السويدية في "ستوكهولم"، وسبق له زيارة صنعاء ولقاء الحوثيين، في يناير 2020.

هانس جرندبيرج المبعوث الأممي الجديد

ولم يمر تعيين "هانس"، مرور الكرام، إذ كان التنافس قويا بين بريطانيا، والسويد "الاتحاد الأوروبي"، وروسيا، ليدفع بالإتحاد الأوروبي إلى موقع بارز في صدارة المشهد اليمني، بحسب سفير اليمن في لندن الدكتور ياسين سعيد نعمان.

وأضاف ياسين، في منشور له على الفيسبوك، "لا أتوقع أن يكون التعيين الجديد منعطفا ذا قيمة على صعيد وقف الحرب وتحقيق السلام، ومع ذلك فإنه يمكن ترقب بعض الأمل بأن هذه الكتلة الأوربية الضخمة ستلعب دورا إيجابيا في علاقتها بإيران، التي تملك وحدها قوة الضغط على الحوثيين".

وحظي تعيين "هانس"، بترحيب الحكومة اليمنية، ففي مقابلة تلفزيونية، مع فرانس 24، وصف رئيس الوزراء معين عبدالملك، المبعوث الأممي المعين حديثا، بـ"المطلع على كثير من أبعاد وتفاصيل الأزمة اليمنية".

وبالمقابل، أرسلت مليشيات الحوثي، رسالة سلبية، من خلال تغريدة للقيادي محمد علي الحوثي، قال فيها: "لن يأت أي مبعوث جديد بجديد ولا يمكنه كسر الجليد".

وتبدو دول الخليج متفائلة، ففي مقال نشرته صحيفة "عرب نيوز"، يرى د.عبدالعزيز العويشق، مساعد الأمين العام لدول مجلس التعاون الخليجي للشؤون السياسية والتفاوض، أن تعيين "هانس"، بشارة خير، كونه الأكثر خبرة في البلاد ومنطقة الخليج.

ويقول العويشق، إن هناك عناصر جديدة ينبغي أن تساعده، لم تكن موجودة عندما تم تعيين أسلافه في المهمة، وأولها المبادرة السعودية لوقف إطلاق النار، وتعيين الولايات المتحدة الأمريكية، "تيموثي ليندركينغ" مبعوثا خاصا لها إلى اليمن، بالإضافة إلى الوساطة العمانية الجارية.

كما أن "هانس"، يرى إمكانية إنهاء الحرب، ففي مقال سابق له، نشر في موقع الإتحاد الأوروبي، قال إنه "يمكن للحرب في اليمن أن تنتهي ويمكن إعادة بناء اليمن ليسوده السلام والازدهار، فقط في حالة وجود إرادة سياسية لدى الأطراف المعنية الكثيرة التي تنظر اليوم إلى مصالحها بدلا عن مصلحة جميع اليمنيين".

 

 

 

لهذا يفشلون

وأغلب التوقعات تؤكد فشل المبعوث الجديد "هانس"، كأسلافه، لأسباب كثيرة، منها جهل هؤلاء المبعوثين الأمميين بطبيعة المليشيات الحوثية، تحديدا، كونها العقبة الكبرى أمام السلام، وعمل المبعوثين بآليات عقيمة، وافتقارهم لمستشارين جيدين، وهذا الفشل كلف اليمن اليمنيين الكثير، كما يرى سياسيون.

ففي مقال له منشور، يقول الصحفي والكاتب زكريا الكمالي، إن الأمم المتحدة لا تريد الاعتراف بفشلها الذريع في الأزمة اليمنية، "وبدلا من تغيير الخطط تلجأ للإطاحة بالمبعوثين، وكأننا أمام إدارة ناد رياضي يعشق تغيير المدربين، ويعلق شماعة فشل مشروعه على رجل واحد".

ويضيف: "إذا كان دور المبعوث الأممي هو الاكتفاء بمهمة الوسيط، فهذه قضية بمقدور شيخ قبلي من قبيلة "أرحب" أن ينفذها بنجاح، وإلا لماذا يقدم إحاطات شهرية لمجلس الأمن، ويلتقي سفراء الدول الكبرى".

ويطالب الكمالي، الأمم المتحدة، بالتوقف عن بيع الوهم لليمنيين، وتكرار الحديث عن الأمل ومفاتيح السلام التي يعرفها أبسط العارفين بالملف اليمني، متسائلا: كيف يمكن إيجاد أرضية صلبة للسلام في ظل لجوء المبعوثين للعمل كمنسقين للشؤون الإنسانية، وتسويق ما يجري في اليمن على أنه أسوأ أزمة على مستوى العالم فقط، فيما يتم تجاهل المهمة الرئيسية كبعثة أممية سياسية؟

ويقول جريجوري دي جونسن، العضو السابق في فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة المعني باليمن، بمقال نشره موقع "The Arab Gulf States Institute"، إن "اليمن بحاجة إلى نهج جديد، وبدون ذلك سيحقق المبعوث الخاص التالي نفس النتائج التي حققها السابقون، وستستمر الحرب، وستتسبب بتدحرج الدولة في مزيد من الانقسام".

وتبدو الخلاصة هي ما كتبته "إيلانا ديلوزير"، الخبيرة في شؤون اليمن في واشنطن، مؤخرا، قائلة: "سيطلب من المبعوث التالي إيجاد طريق سريع للسلام".

والسؤال الآن: هل سيكون المبعوث الجديد قادرا على إنعاش جهود إحلال السلام، التي دخلت مرحلة موت سريري، في ظل مليشيات بصنعاء، وأخرى في عدن، ليس في قاموسها مفردة السلام، ولا تعير أي اهتمام لمعاناة اليمنيين؟

 

 

 

مستقبل القرار ٢٢١٦

تتحدث تقارير صحفية، بأن المبعوث الأممي الجديد "هانس"، يدعم التوجهات الرامية إلى إلغاء القرار 2216، وفي حال صح ذلك، سيكون المبعوث الجديد قد قضى على مهمته قبل أن تبدأ، بمنح الحوثيين تنازلات مجانية، بدون مقابل، وهذا خطأ أشد من خطأ الإدارة الأمريكية الحالية، بإزالة الحوثيين من قائمة الإرهاب، وسيصطدم المبعوث الأممي بالحكومة الشرعية سريعاً.

فالقرار 2216، ليس شرعية الرئيس هادي فقط، حتى يضحى به، بل يتضمن بنودا عديدة، ومن الخطأ التفريط بها، وإن لم تطبق، ومنها الإفراج عن السجناء السياسيين، كما أن القرار يحظر على إيران توريد أسلحة للحوثيين، ويمنح الدول المجاورة لليمن أحقية تفتيش الشحنات المتجهة إلى اليمن.

وفي الواقع، لا يمثل القرار عقدة أمام الحل، والحديث في هذا الموضوع يتجاوز أساس المشكلة، بحسب وزير الخارجية أحمد بن مبارك، الذي علق، في تصريح صحفي، قبل أيام، على القول بأن القرار لم يعد صالحا للمرحلة الحالية، بالتساؤل: هل يجب مكافأة جماعة أيديولوجية تأتي بالسلاح وتحتل العاصمة؟

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص