أهم الأخبار

"أدوات الضغط" الأمريكية منعدمة الأثر عندما يتعلق الأمر بجماعة محلية قائمة على التمرد.. كيف أربك الحوثيون إدارة بايدن؟

2021-05-25 الساعة 12:07ص (يمن سكاي - )

الطريقة التي راح يتصرف بها الحوثيون منذ مطلع العام الحالي أربكت الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة الديمقراطي جو بايدن ووضعتها في مأزق.

كانت هذه الإدارة قد جعلت من إيقاف الحرب في اليمن على قائمة أولوياتها، واتخذت في سبيل ذلك نهجاً سياسياً معاكساً لنهج الإدارة الجمهورية السابقة التي كانت، في أيامها الأخيرة، قد صنفت جماعة الحوثي منظمة إرهابية، وهو القرار الذي باشرت إدارة بايدن إلغاءه في الأيام الأولى من توليها مقاليد السلطة في واشنطن لدواعٍ إنسانية، كما قالت.

ما لبث الرئيس بايدن أن عيَّنَ مبعوثاً أمريكياً خاصاً إلى اليمن (هو تيم ليندركينغ) لمساندة مساعي الأمم المتحدة في تحقيق السلام. ليس هذا فحسب، بل وأعلنت إدارة بايدن وقف الدعم الذي تقدمه واشنطن للعمليات التي ينفذها التحالف بقيادة السعودية في اليمن ضد الحوثيين حلفاء إيران.

ومضت إدارة بايدن بعيداً في هذا الاتجاه؛ فألغت بعض صفقات الأسلحة مع المملكة العربية السعودية.

والسؤال هو: كيف رد الحوثيون على هذه الخطوات؟

لم يظهر الحوثيون أي إشارات امتنان أو تعقل، بل تصرفوا على النقيض تماماً من توقعات الإدارة المنتخبة في واشنطن: تكثيف الهجمات على السعودية بالصواريخ البالستية والطيران المسير، والتصعيد العسكري غير المسبوق باتجاه مدينة مأرب. بدا الأمر وكأنهم قرأوا في التوجه الأمريكي الجديد دعوة للتهور وإنتاج حقائق عسكرية إضافية على الأرض.

لا بد أن هذا السلوك من جانب الحوثيين كان محرجاً لإدارة بايدن أمام حلفاء واشنطن في الخليج بالدرجة الأولى.

المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن لم يحرز أي تقدم بعد خمس رحلات قام بها حتى الآن إلى دول مختلفة في منطقة الخليج. من الواضح أنه بدأ يشرب من كأس الخيبة والفشل نفسه الذي شرب منه مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، البريطاني مارتن غريفث. بالنسبة لهذا الأخير، من المتوقع أن يترك منصبه في الفترة القليلة القادمة.

في 20 مايو الجاري، بدا ليندركينغ غاضباً للغاية من تصعيد الحوثيين في مأرب. لقد تحدث الرجل في إحاطة موجزة عبر الهاتف نشرتها وزارة الخارجية الأمريكية في موقعها الانترنت؛ قال فيها: "لقد أزعجنا حقيقة أن الحوثيين يواصلون القتال في مأرب، التي لم تسقط في شهر رمضان، كما كانوا يتوقّعون، وهي لن تسقط الآن، ولن تسقط في أي وقت في المستقبل المنظور".

وتابع قائلاً: "لذا فإن الحوثيين لم ينتصروا في مأرب، ولكنهم بدلاً من ذلك يمارسون مقداراً هائلاً من الضغط على الوضع الإنساني الهش للغاية بالفعل. إنهم يعرّضون حياة مليون نازح داخلي للخطر – وهم فروا بأرواحهم بالفعل من الحرب في اليمن".

الملفت أن ليندركينج كرَّرَ بيقين أن مأرب لن تسقط "في المستقبل المنظور". ومع ذلك، هو يعلم أنه ليس للإدارة الأمريكية الجديدة أي دور في بقاء مأرب خارج سيطرة الحوثيين. إذا كان لها من دور، فهو دور معنوي ذهبَ لصالح الحوثيين منذ البداية.

قبل أيام قليلة، أعلن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية عقوبات جديدة ضد اثنين من كبار القادة العسكريين في جماعة الحوثي وإدراجهما على لائحة الإرهاب، القياديان هما يوسف المداني ومحمد الغماري، الأول لاتهامه بخرق اتفاق استوكهولم لوقف اطلاق النار في الحديدة والثاني بتهمة توليه قيادة هجوم وصفه بيان الخزانة الأمريكية بـ"الوحشي" على مأرب.

وكانت الولايات المتحدة قد فرضت، في مارس الماضي، عقوبات مشابهة على اثنين من القيادات العسكرية في جماعة الحوثي متهمة إياهما بإطالة أمد الحرب الأهلية في البلاد ومفاقمة الأزمة الإنسانية. وجاء في بيان وزارة الخزانة الأمريكية إنها أدرجت على القائمة السوداء منصور الصعدي رئيس أركان القوات البحرية الحوثية وأحمد علي أحسن الحمزي قائد القوات الجوية وقوات الدفاع الجوي التابعة للحوثيين.

كما هو ملحوظ، فالإدارة الأمريكية برئاسة بايدن، ربما تريد من الحوثيين أن يفهموا من هذه العقوبات أن مقاربتها تجاه الحرب في اليمن تسير في طريق مزدوج يجمع بين ملاطفة الحوثيين والضغط عليهم.

لكن إذا كان الحوثيون قد استفادوا معنوياً وسياسياً من قرارات إدارة بايدن الأولى بإلغاء تصنيفهم منظمة إرهابية، والإيقاف الجزئي للدعم العسكري الذي تقدمه واشنطن للسعودية في حرب اليمن، فالمراقبون يقللون من شأن الضرر الذي يمكن أن يلحق بالحوثيين جراء العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على عدد من قيادات الجماعة، وذلك بحكم عدم امتلاك هؤلاء حسابات وأرصدة في الولايات المتحدة، ولا في أي بلد آخر في العالم.

ورداً على سؤال بهذا الخصوص، أوضح ليندركينغ أن هذه العقوبات هي طريقة للتنديد بهؤلاء الأشخاص، "ولكنها أيضًا تُظهر للمجتمع الدولي أن الولايات المتحدة لديها أدوات للضغط وأن الولايات المتحدة غير راضية عن تصرفات الحوثيين في مأرب".

غير أن "أدوات الضغط" الأمريكية التي تحدث عنها ليندركينغ، قد تكون منعدمة الأثر إلى حد كبير عندما يتعلق الأمر بجماعة محلية معزولة مثل جماعة الحوثي التي تستمد وجودها السياسي والعسكري من التمرد.

وإذا كان الضغط الدولي على السعودية والإمارات، في العام 2018، قد أثمر ما سمِّي بـ "اتفاق استوكهولم" الذي أوقف القوات المناوئة للحوثي على مداخل مدينة الحديدة الساحلية، فلأن السعودية والإمارات دولتان مندمجتان في نظام الأمم، وبالتالي، فالعالم يمتلك دائماً الوسائل الدبلوماسية اللازمة للضغط عليهما والتأثير في سلوكهما.

بينما لا يزال الأمل يحدو الحوثيين بالسيطرة على مأرب الغنية بالنفط. أما الضغوط الدولية والمناشدات، فإنها تذهب أدراج الرياح. في حين أن السبيل الوحيد لحماية مأرب هو كسر الهجوم الحوثي عسكرياً على الأرض. إن هذه هي أداة الضغط الوحيدة التي يهتم لها الحوثيون فعلياً.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص