أهم الأخبار

"الحطب وإنتاج الفحم" مصدر للعيش في مواجهة قسوة الحرب بريف تهامة

2021-05-15 الساعة 07:05م (يمن سكاي - المصدر أونلاين)

الحديدة – عبد العزيز أحمد

 

في بلاد تعيش أسوا أزمة إنسانية في العالم، يتدهور الوضع المعيشي لدى كثير من اليمنيين، في الوقت الذي يحاول البعض البحث عن بدائل توفر له دخلاً مادياً يستطيع من خلاله تأمين معيشته دون الحاجة إلى انتظار المساعدات الإنسانية.

"حليمة" (45عام)، أم لخمسة أطفال واحدة من النساء اللواتي لم يستسلمن لقسوة الحرب الدائرة في اليمن، وعملت بكل إصرار وعزيمه على توفير احتياجات عائلتها بعد فقدان زوجها، إثر مرض مزمن في القلب بمحافظة الحديدة (غرب اليمن).

تقول حليمة إن وفاة زوجها أجبرتها على تحمل مسؤولية توفير المعيشية لأسرتها، وأولادها مازالوا أطفال صغار وتوفير متطلباتهم من أجل مواصلة تعليمهم، حيث تعمل في بيع الحطب المنزلي من أجل تأمين غذاء أطفالها واحتياجاتهم المعيشية.

وأضافت "كنت أحصل يوميا على 3000 ريال (ما يعادل 5 دولار) من بيع الحطب لكنه عمل مضني وشاقّ، استمريت فيه لعامين، وبعد ذلك بدأت في إعداد ما يسمى "المسواد" (حفرة لتحويل الحطب الى فحم)، وازداد دخل الاسرة أضعاف ما كانت من الحطب".

ورغم الجهد الذي تبذله "حليمة" في تقطيع اشجار السدر وغيرها إلى جانب اهتمامها اليومي برعاية أطفالها، إلا أنها تعتبره مصدر دخل وفير يعينها على توفير احتياجاتها دون الحاجة لمساعدة الآخرين أو التسول.

وتستخرج من الحفرة ما يزيد عن سبعة أكياس من الفحم التهامي خلال أسبوع ويزن الكيس الواحد من 18- 20 كيلوا جرام.

 

ازدهار بيع الفحم

ينطبق القول "مصائب قوم عند قوم فوائد"، حيث تعتبر الأم حليمة كغيرها من العاملين في الفحم غياب الغاز المنزلي وارتفاع أسعاره في المحافظات الشمالية من اليمن فرصة ذهبية لزيادة الإنتاج نتيجة للطلب المتزايد من قبل التجار المحليين.

وينعكس ارتفاع سعر الغاز المنزلي وانعدامه في السوق، على سعر الفحم وزيادة الطلب عليه أكثر حيث يتراوح سعر الكيس من 6-7 آلاف ريال يمني (الدولار 602 ريال يمني) في الوضع الطبيعي، فيما يصل سعره إلى 10 ألف ريال خلال فترة انعدام الغاز وعدم توفره.

وتزدهر تجارة الفحم خلال أزمة الغاز المنزلي ما يوفر للأم "حليمة" عناء نقله وتوفير 10 آلاف ريال يمني، كانت تدفعها كمواصلات لنقل نتاجها الى تجار بمدينة الحديدة، والتي تبعد عن قريتها بمديرية الزيدية حوالي 66 كيلومتر.

ويصل السعر الرسمي لأسطوانة الغاز 6500 ريال يمني، لكنه لا يتوفر دائما، ويعد مشكلة لذوي الدخل المحدود، فيما يضطر غالبية الناس لشراءه من السوق السوداء بأسعار تصل إلى 13 ألف ريال، في الحديدة والمحافظات التي يسيطر عليها الحوثيون.

 

كفاح في مواجهة ظروف الحرب

رغم أن الحرب ما زالت مستمرة وتشكل كابوساً مرهقاً على المواطنين الذي يعتمدون على العمل الحر والمهن الصغيرة، حيث جعلت معيشتهم في خطر دائم، غير أن "حليمة" تقول إن ظروف الحرب والمعيشة القاسية جعلتها أكثر قوة في مواجهة أي تقلبات في المعيشة".

وأضافت في حديثها للمصدر أونلاين "نتمنى أن تنتهي الحرب لكن لا يجب أن نبقى ننتظر المساعدات الإنسانية من المنظمات التي ليست منتظمة أصلا، وتأتي كل أربعة أشهر مرة واحدة، ويجب ان نربي أبنائنا على العمل ونكون قدوة لهم".

وكامرأة ترى "حليمة" نفسها تواجه كثير من المصاعب والمعوقات في عمل "إنتاج الفحم"، والذي يجعلها تعمل لساعات طويلة خارج منزلها، في الوقت الذي يجب عليها أن تعد الطعام لأبنائها الصغار وتهتم بهم.

واجبرت الأوضاع المعيشية الكثير من النساء على العمل، سواء في الريف او المُدن الرئيسية، لكن عمل المرأة الريفية صعب للغاية، سواء في أفكار لمهن جديدة تعمل فيها وهي حكراً على الرجال، أو العمل في مزارعهن وتربية الأبقار والأغنام.

 

فرص عمل

ويوفر "الحطب" فرص عمل ومصدر للمعيشية للكثير من المواطنين، ويعمل "محمد بادي" (50عام) على بيع الحطب التهامي في العاصمة صنعاء، على متن شاحنته محملة بنحو 3 أطنان على شكل رُزم متنوعة الأحجام على حسب طلبات الزبائن.

ويقول بادي للمصدر أونلاين "بدأت في العمل منذ أن فقدت عملي كموزع لدى مصنع بطاطس مع بداية الحرب عندما سرحت الشركة الكثير من العاملين معها، بعد أن توقف الإنتاج في مصانعها".

 

وأضاف "أبيع حمولة الحطب الذي تقدر بنحو ثلاثة أطنان خلال يومين إلى أربعة أيام بمبلغ يزيد عن 600 ألف ريال يمني (ما يعادل ألف دولار) ثم أذهب الى جلب حمولة أخرى من محافظة الحديدة أو تعز".

ويبلغ عدد أفران العاصمة صنعاء ما يزيد عن 700 فرن، فيما يصل ما تحتاجه من الفحم والحطب 17 ألف وخمسمئة طن سنويا وفقا لإحصائيات رسمية.

 

ورغم الخبرة التي يمتلكها "بادي" في نوعية وأسعار وأماكن الحطب إلا أن ارتفاع أسعار المشتقات النفطية ومنها الديزل خصوصا يقلل من أرباحه ويضعه في أزمة أمام متطلبات أسرته المكونة من ثمانية أفراد، حسب قوله.

ويعمل المقاول التهامي "إبراهيم شوقي" مع عدد من العمال على قطع أشجار السول المنتشرة في الأراضي الزراعية بمديرية الزيدية التابعة لمحافظة الحديدة، حيث يستخدم الجرافة لاقتلاع أشجار السول وغيرها وتقطيعها وتحويلها إلى فحم.

 

تحذيرات
وبالرغم أن الاحتطاب وإنتاج الفحم أصبح مصدر دخل أساسي للكثير من العاملين، لكن مازال بحاجة إلى تنظيم وإرشادات، حيث يحذر خبراء من الاحتطاب العشوائي واجتثاث الأشجار في المحميات الطبيعية والذي يعد "كارثة" تهدد الحياة وتمثل خلل في التوازن البيئي.

وتقدر مساحة الغابات في اليمن بنحو 1.5 مليون هكتار فيما تبلغ مساحة المراعي والتكامل الزراعي الحرجي 22.6 مليون هكتار، تعاني من سوء إدارة واستخدامات غير منظمة تتسبب في تناقصها كما ونوعا بشكل مخيف، وفقا لدراسة ميدانية نشرتها الهيئة العامة لحماية البيئة.

 

وسبق أن حذرت الهيئة من مخاطر موجة الاحتطاب الكبير التي يقوم بها المواطنين في عدد من المناطق المهمة كسقطرى وجزيرة كمران ومحميتي برع - عتمة وغابات المانجروف بسواحل الحديدة.

ومنذ بداية الحرب تسببت الأزمة المستمرة في المشتقات النفطية والغاز المنزلي بزيادة حاجة السكان لاستخدام الحطب كبديل، وتوسع إلى المدن الرئيسية التي كانت لا تستخدم الحطب قبل الحرب.

 

كما ظهرت زيادةً هائلةً في الطلب على حطب الوقود والفحم، وتحولت المخابز إلى استخدامه عوضًا عن الغاز أو الكيروسين، الأمر الذي تسبَّب في رواج تجارة الحطب وزيادة الطلب عليه، وهو ما يجعل الاحتطاب العشوائي رائج ومهدد للبيئة.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص