أهم الأخبار

العدالة الاجتماعية والتعايش السلمي.. حلم اليمنيين الذي صادرته الحرب

2021-02-20 الساعة 03:46م (يمن سكاي )

المصدر أونلاين - أصيل الشرعبي

في الوقت الذي يحتفل فيه العالم باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، يعيش اليمن على وقع أزمات العنصرية التي فاقمتها الحرب، كمُسلّمات وجد اليمنيون أنفسهم عليها، الأمر الذي يدعو إلى الخوف من تداعيات الطبقية المتجذرة في المجتمع اليمني ككل، تجاه من يُتهمون بأنهم بلا أصل من الفئات المهمشة والذين يوصمون مجتمعياً بـ"المزاينة" أو "الأخدام" وغيرهم من الأقليات التي مازالت تعيش في اليمن.

مازالت شريحة كبيرة من المجتمع اليمني تعاني العنصرية، لا لشيء إلا لأنهم ولدوا وهم يحملون أسماء لعائلات ارتبط أصلها، منذ زمن قديم، بمهن يطلق على من يعمل فيها "المزاينة" أو "الجزارين"، أو "الدواشين"، حيث تعتبر وظائف دُنيا ومن يمارسونها أو حتى لم يعودوا يمارسونها لكن آباءهم وأجدادهم قد امتهنوها في الماضي، ما يعني أنهم مواطنون يمنيون من الدرجة الثالثة التي ليس لها حقوق وواجبات الدرجة الأولى المتمثلة بالسادة وفئة الدرجة الثانية من القبائل.

التعايش السلمي

طيلة السنوات الماضية ظل اليمنيون ينشدون المساواة والعدالة والتعايش السلمي، رافضين كل السياسات والإجراءات التي هدفت إلى استدعاء المناطقية والطبقية والعنصرية عبر مختلف منصات التعبير، وصولاً إلى ثورة 11 فبراير في العام2011.

الناشط الحقوقي مراد المعافري أشار في حديثه مع "المصدر أونلاين"،إلى أن شعارات العنصرية والطبقية قد تغذت في ظل غياب النظام والقانون، وظهرت الاختلافات الدينية والتباينات السياسية، وتعرض اليمنيون نتيجة آرائهم السياسية ومذاهبهم إلى الكثير من المضايقات، بل أثرت الحالة السياسية على مواطنين يعملون في مهن حرة رُحلوا قسراً من محافظات جنوبية، ومنعوا من دخول أخرى.

ويضيف المعافري ، أن التجربة الحالية أثبتت بأن الجماعات المسلحة لا يمكنها تحقيق العدالة الاجتماعية؛ "لأن فكرها يقوم على الإقصاء العام، وتحصيل الثروة؛ حيث يبقى المال في أيدي المسؤولين ، ويظهر عليهم الثراء على حساب المواطنين والطبقة المتوسطة التي فقدت مصدر دخلها بسبب الحرب، ما يجعلها في السلم الأدنى اجتماعياً واقتصادياً".

ولأن العدالة الاجتماعية غابت عن المجتمع اليمني؛ يرى المعافري أن الحديث عن عدالة اجتماعية حقيقية لا يمكن إلا في ظل وضع سياسي مستقر يمثل مخرجات الحوار الوطني كأهم إطار يمكن العمل تحت مظلته؛ وهو الحد الأدنى من النظام السياسي الذي اتفق اليمنيون عليه.

وتعني الأرقام المتداولة عبر تقارير أممية انهيار ميزان التوازن الاجتماعي، وغياب توزيع الفرص والموارد المتاحة بعدالة واستحقاق، وتفشي الفساد المالي والإداري، واستعادة حكم الفرد والجماعة المتسلطة على حساب الطرق الديمقراطية.

المهمشون أسفل الهرم

في اليمن وبدلاً من وجود قوانين وتشريعات تُجرم العنصرية، تزداد الأمور سوءً بسبب تغير الخارطة السياسية التي فرضتها الحرب في البلد ، فالكثير من الأسر المنتمية لما يسمى بـ المهمشين تعاني من العنصرية الطبقية، وينظر إليهم كفئة دُنيا ليس لها الحقوق التي تمتلكها الفئات الأعلى منها.

وفي ظل تلك الممارسات التي تحدث بحق الفئه المهمشة، يقول نعمان الحذيفي رئيس الاتحاد الوطني للمهمشين "إن القوى السياسية هي التي تسببت بالفرز المجتمعي القائم على المناطقية والعرقية في المجتمع اليمني، مشيراً إلى أن الانقسامات التي أعقبت ثورة الحادي عشر من فبراير قد ساهمت في تغذية كل ما من شأنه تغييب العدالة الاجتماعية والتعايش السلمي".

ويضيف الحذيفي في حديثه "للمصدر أونلاين" قائلا: "يعيش المهمشون اليوم في ظل الحرب أوضاعاً إنسانية بالغة الخطورة والتعقيد، بسبب نمط الحياة التي فُرضت عليهم جراء ثقافة الإقصاء والتهميش التي شكلت سياجاً منيعا حرمهم من التمتع بأبسط مقومات العيش الكريم، وحقوق المواطنة المتساوية مع الآخرين من فئات المجتمع اليمني".

لا يعول «المهمشون» في اليمن من ذوي البشرة السمراء، على تغيير ظروفهم السيئة المستمرة منذ مئات السنوات، رغم زخم حركة «حياة السود مهمة» المناهضة للعنصرية في العالم.

وحقوق المهمشين المسلوبة والواجبات المهينة ليست مقرة بموجب القانون وإنما بموجب الأعراف السائدة والممارسات المجتمعية في البلد كما يقول الحذيفي.

وبحسب المجموعة الدولية لحقوق الأقليات ومقرها لندن فإنهم يعانون «من نسب عالية من البطالة، ولا يملكون الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل المياه أو الصرف الصحي أو التعليم أو حتى الفرص الاقتصادية».

ويُقدّر بأنهم يشكّلون بين 2 و5% من السكان البالغ عددهم نحو 27 مليوناً، بينما تشير تقديرات أخرى إلى أنهم يشكلون 10% من السكان.

وفاقمت الحرب الدائرة منذ سيطرة الحوثيين وتدخل التحالف العربي قبل قرابة ستة أعوام لاستعادة الشرعية في اليمن حالة الصراع السياسي؛ وأحدثت شروخاً وتمايزات اجتماعية واقتصادية وثقافية؛ بل واختلافات فكرية ودينية، ومن صراع على لقمة العيش إلى صراع وتناقضات في المساجد والمؤسسات التعليمية والثقافية. وما يزال المواطن اليمني يناضل من أجل انتزاع حقه في الحياة السياسية والثروة والمساواة.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص