أهم الأخبار

تضييق الدائرة في عدن وأبين.. ماهي الدوافع من التحركات الأخيرة للمجلس الانتقالي الجنوبي؟

2021-01-31 الساعة 02:53م (يمن سكاي )

عادت الحكومة الجديدة إلى مدينة عدن في أواخر ديسمبر الماضي، وفيما كان من المقرر تنفيذ بنود الشق العسكري لاتفاق الرياض في محافظتي عدن وأبين جنوبي البلاد، عاود التعثر أجواء الاتفاق الذي تشرف عليه المملكة العربية السعودية.

 

وينص الملحق العسكري والأمني لاتفاق الرياض على انسحاب القوات العسكرية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي وتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة إضافة إلى دخول قوات الشرطة والأمن الخاص والشرطة العسكرية إلى مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين، واللواء الأول حماية رئاسية إلى عدن.

 

واشترط المجلس الاتتقالي الجنوبي، المدعوم من الإمارات، السماح بدخول قوات الأمن والحماية الرئاسية إلى عدن وزنجبار مقابل إعادة نشر قوات النخبة الشبوانية التابعة له في محافظة شبوة جنوب شرقي البلاد، لكنه في موازاة ذلك نفذ عدة خطوات استباقا لمرحلة ما بعد فشل أو نجاح اتفاق الرياض.

 

التحكم بقوات المنشآت.. لماذا؟

قوات حماية المنشآت هي إحدى تشكيلات قوات الدعم والإسناد التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، ومن المقرر بحسب اتفاق الرياض أن تتسلم هذه القوات مهام تأمين المنشآت والمرافق الحكومية في المحافظات التي يشملها الاتفاق، بالتزامن مع ضم أفرادها لوزارة الداخلية.

 

ويقود هذه القوات العميد أحمد بن عفيف وهو قيادي عسكري من محافظة شبوة لم تشارك وحداته في الصراع بين القوات الحكومية وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي، كما لم يصدر عنه شخصيا موقف لصالح أحد طرفي الصراع على الرغم من انضواء الوحدات التي يقودها تحت قيادة الدعم والإسناد التي شاركت ألويته الخمسة في المواجهات بشكل فاعل.

 

وفي وقت سابق منتصف العام الماضي بعيد مساعي الرياض لتنفيذ بنود الملحق العسكري والأمني لاتفاق الرياض، رفضت قوات الحزام الأمني التي تسيطر على ميناء عدن ورصيف السياح في التواهي تسليم الموقعين لقوات حماية المنشآت واندلعت اشتباكات بين الطرفين قبيل انسحاب الأخيرة إلى معسكرها الواقع في مديرية خورمكسر شرقي عدن.

 

وأدى تقاسم السيطرة بين القوى التقليدية في المجلس الانتقالي الجنوبي إلى رفض الطرفين تسليم مطار وميناء عدن الخاضعين لسيطرة قوات أمن عدن والحزام الأمني إلى قوات حماية المنشآت على الرغم من أنها تندرج وتعرّف ضمن قوات المجلس الانتقالي الجنوبي.

 

لكن مصدرًا أمنيا قال لـ" المصدر أونلاين" إن "النزاع حول النفوذ والتمكين في مدينة عدن وعملية التقاسم البارزة بين قوات الدعم والإسناد والحزام الأمني من جهة، وقوات أمن عدن وكتائب العاصفة من جهة أخرى أدت إلى إضعاف وتهميش أدوار القوى الأمنية الأخرى التي تقع خارج هذا السباق".

 

ويضيف المصدر أن "أغلب القوى الأمنية والقادة الذين ينتمون لمناطق خارج نطاق القوى التقليدية الجغرافية في لحج والضالع، باتوا يملكون حيزا محدداً من التحرك في ظل إحكام الأولى على الوضع العسكري والأمني إضافة إلى تحكمها بالقوى البشرية في هذه المناطق لصالحها".

 

والآن تسعى قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي إلى العمل من داخل قوات حماية المنشآت بهدف السيطرة عليها والتحكم بها في إطار مساعي المجلس للاستفادة من تنظيم هذه القوات لصالحه استباقا لمرحلة ما بعد اتفاق الرياض فيما إذا نُفذ بالفعل.

 

وتحرك مساعي المجلس عديد دوافع أبرزها، ضمان تبعية هذه القوات له بشكل مبكر استباقا لتنفيذ اتفاق الرياض الذي من المرجح أن يمنح قوات حماية المنشآت السيطرة على جميع المرافق الحيوية، ومن جهة ثانية يرغب المجلس في أن يفشل أي محاولات لهيكلة هذه القوات من قبل وزارة الداخلية، عقب البدء في تطبيق الملحق العسكري لاتفاق الرياض. 

 

يقول مصدر خاص لـ"المصدر أونلاين" إن تحركات تجريها قيادات في المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات الدعم والإسناد والحزام الأمني لنشر عدد من الضباط المقربين منها في قوات حماية المنشآت، والدفع بجنود الفصائل المسلحة للانضمام لهذه القوات، لفرض حضور الموالين له في المنشآت الحكومية.

 

تضييق الدائرة

أمنيًا وعسكريًا نفذ المجلس الانتقالي الجنوبي ثلاث خطوات خلال الفترة الأخيرة، وتكشف هذه التحركات عن استعدادات المجلس لمرحلة ما بعد فشل اتفاق الرياض، وفي الوقت ذاته يحاول المجلس ترتيب أوراقه بالتزامن لمرحلة ما بعد نجاح الاتفاق فيما إذا نفذت بنوده بالفعل.

 

والأربعاء الفائت، بات قائد اللواء الخامس دعم وإسناد العميد مختار النوبي قائدا لمحور أبين القتالي في قرار مثّل خطوة في مرحلة اللاعودة من اتفاق الرياض من جانب قوات المجلس الانتقالي، بالتزامن مع محاولات السعودية إعادة إحياء تنفيذ بنود الملحق العسكري والأمني من اتفاق الرياض.

 

ويسعى المجلس الانتقالي الجنوبي من خلف تعيين النوبي إلى فرض قائد عسكري على محور أبين من المناطق التقليدية للحراك الداعي لانفصال الجنوب، وهي ذاتها مناطق القاعدة الرئيسية للمجلس المدعوم من الإمارات في محافظتي لحج والضالع، لضمان السيطرة على مركز المحافظة والإبقاء عليها كحائط صد تجاه أي محاولة للتقدم صوب عدن.

 

وهذه الخطوة تشير إلى أن المجلس الجنوبي يخشى من أن يتسبب أي تغيّر في خارطة السيطرة بأبين فيما إذا نفذت بنود الملحق العسكري لاتفاق الرياض في تراجع نفوذه في المحافظة، وبالتالي يؤدي هذا إلى حصره في عدن ولحج والضالع، إضافة إلى أن هذا سيفقد المجلس الجنوبي المبادرة في شن أي هجوم مستقبلًا، فيما إذا فقد السيطرة على زنجبار.

 

وقرار تعيين النوبي هو تحرك استباقي من المجلس الانتقالي الجنوبي لمواجهة احتمالات نجاح أو فشل اتفاق الرياض على حد سواء، فالأخير يُريد من هذا التعيين تثبيت القوات التي يقودها النوبي في اللواء الخامس إلى جانب لواء آخر من قوات الدعم والإسناد وفصائل أخرى في أبين من جهة.

 

ومن جهة أخرى يسعى الانتقالي إلى فرض هذه القوات التي تنتمي غالبًا لمحافظتي لحج والضالع، وإسناد ملف القيادة والتحكم إليها لضمان الاحتفاظ بسيطرته المطلقة على المحافظة، وهي رسالة موحّدة لفرع الحزام الأمني بأبين وقوات الأمن الحكومية في المحافظة ذاتها، وإلى المحافظ الجديد الذي من المحتمل أن يعين إذا استكمل تنفيذ بنود الملحقين السياسي والأمني لاتفاق الرياض.

 

وتحرك المجلس الانتقالي مخاوف، من بينها أن دخول قوات الأمن العام والخاص والشرطة العسكرية إلى زنجبار سيفقده حضوره في مقابل تعزيز الأولى حضورها نتيجة تعاظم التأييد الشعبي لها من قبل السكان المحليين في زنجبار، مع خشية المجلس من أي دور مرتقب للقوى القبلية في المحافظة واحتمالات بروز تحالفات شعبية ضد حضور قواته المتنامي في المحافظة.

 

ويقول مصدر أمني خاص في أبين طلب عدم الإفصاح عن اسمه وموقعه لـ"المصدر أونلاين" إن قادة المجلس الانتقالي الجنوبي بدأوا خلال الفترة الأخيرة إجراءات لسحب صلاحيات قائد الحزام الأمني في محافظة أبين العميد عبد اللطيف السيد عبر تعيين ضباط من خارج أبين في قيادة الحزام بالمحافظة.

 

وأضاف المصدر أن هذه الإجراءات تضمنت الدفع بضباط من خارج أبين بالتوازي مع إقالة وإبعاد عدد من قادة الفصائل، فيما تتمركز كتائب من قوات الدعم والإسناد التابعة للانتقالي في معسكرين كبيرين في مدينة جعار مركز مدينة خنفر إلى الغرب من زنجبار العاصمة.

 

يشير المصدر إلى أن خلافات جرت بين السيد وقيادات من قوات الدعم والإسناد التي تعد قوات الحزام الأمني أحد فروعها، على خلفية رفض هؤلاء القادة مشاركة السيد وقواته في المعارك المتقطعة التي جرت في أبين منذ يونيو حتى أواخر العام الماضي، وتهميشه في إدارة الملف الأمني في زنجبار وخنفر.

 

وقال المصدر، إن السيد كان على وشك تقديم استقالته لقيادة المجلس الانتقالي بعدما تزايدات الخلافات بينه وبين قادة قوات الدعم والإسناد لكنه أُبلغ من قيادة المجلس بحل نقاط الخلاف وإعادة تعزيز قواته.

 

وتخضع مدينة زنجبار العاصمة، وأجزاء واسعة من خنفر الجبل وتشمل جعار ومناطق أخرى، إضافة إلى مديريات سرار ورصد وسباح بيافع لسيطرة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، لكن القوات الحكومية تسيطر على 6 مديريات أخرى في أبين وتتواجد تشكيلات محدودة من الحزام الأمني في مديريات لودر ومودية والمحفد وأحور.

 

في محافظة لحج شمالي عدن، أطاحت قيادة الدعم والإسناد بقائد الحزام الأمني في المحافظة وضاح عمر عبد العزيز عقب إصداره قرارا بتعيين قيادي آخر، لكن مصدراً خاصًا قال إن الدوافع خلف القرار تتعلق بإبعاد القادة غير المنتمين لمناطق النفوذ التقليدية في محافظتي لحج والضالع.

 

وعبد العزيز هو قائد الحزام الأمني سابقاً في عدن وهو من أبناء المدينة الساحلية ومن أصول تعود إلى محافظة تعز، فيما عين خلفًا له في قيادة الحزام الأمني بلحج عقب الإطاحة به، قيادي ينتمي لمناطق يافع في محافظة لحج.

 

وقال المصدر لـ"المصدر أونلاين" إن خطة إزاحة القيادي وضاح عمر عبد العزيز بدأت أولًا بإبعاده من قيادة الحزام الأمني في مدينة عدن نتيجة مساعي المجلس لفرض سيطرته على الملف الأمني، إلى جانب خشية الأخير من تأثير الأول على الوضع الأمني والقوى المحلية في المدينة.

 

وعين عبد العزيز لاحقًا على رأس القوات ذاتها في محافظة لحج قبل أن يصدر قرار إقالته، نتيجة ما قالت قيادة الدعم والإسناد إنه عين شخصا بشكل مخالف وليس من صلاحياته، لكن المصدر قال إنّه كان سيُبعد بشكل أو بآخر إثر حالة من عدم الثقة التي تطغى على نظرة قادة المجلس الانتقالي الجنوبي لعمر عبدالعزيز وقادة آخرين.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص