أهم الأخبار

معسكر 20 في عدن بؤرة الإنتهاكات والتعذيب.. وعمار سلطان ليس آخر الضحايا

2019-06-16 الساعة 05:36م (يمن سكاي - المصدر اونلاين)

قبل خمسة أعوام كان معسكر عشرين مركزا لقوات الأمن المركزي وقاعدة مراقبة للأوضاع الأمنية في مدينة كريتر، وأصبح المعسكر مع مرور الوقت مركز اعتقال لنشطاء الحراك السلمي الجنوبي ونشطاء مناوئين لنظام علي عبدالله صالح كانوا ينشطون في المدينة.

 

 

بعد أن تم إنهاء سيطرة المتمردين الحوثيين على المدينة منتصف 2015 بات المقر العسكري الواقع وسط مدينة كريتر خاضعًا لقوات محلية تدعمها الإمارات، إلا أن الحال لم يتغير عما كان عليه إبان فترة حكم نظام صالح، حيث يتزعم إمام النوبي قوة من الحزام الأمني باتت تتحكم في المدينة.

 

كيف ومن قتل الشاب عمار سلطان؟

 

في الـ29 من مايو الفائت، أعتقلت قوات كتيبة الطوارئ "معسكر 20" التابعة لقوات الحزام الأمني اعتقال الشاب العشريني عمار سلطان بتهمة سرقة سيارات.

 

 

أصبح سلطان في زانزانة داخل معسكر 20 وبعد يومين في الأول من يونيو وجد متوفيًا داخل الزنزانة، وإذ قالت قوات الحزام الأمني إن سلطان أنتحر، تلقت عائلته بلاغًا طبيًا يفيد بتعرضه للتعذيب الجسدي.

 

 

تواصل "المصدر أونلاين" مع مقربين من أسرة الشاب سلطان الذين نفوا رواية الحزام الأمني التي تتحدث عن فرضية الإنتحار وقالوا إنهُ تعرض للتعذيب الجسدي الشديد ما أدى إلى وفاته.

 

 

أشار هؤلاء إلى أن قيادة معسكر "20" متورطة بشكل أو بآخر في الحادثة، إذ أنه وحسب ما قالوا إن لم يكن الشاب سلطان توفي نتيجة التعذيب، فإن رواية قوات الحزام التي تفيد بانتحاره هي أيضاً تدين هذه القوات بشكل مباشر لأنه بحسب الإفتراض فالشاب سلطان انتحر نتيجة لشدة التعذيب الذي تلقاه.

 

 

ينفي مقربون من الشاب عمار لـ"المصدر أونلاين" أن يكون له علاقة بموضوع سرقة السيارات كما تتهمه قوات معسكر 20.

 

 

وقال مصدر طبي لـ"المصدر أونلاين" إن الآثار الظاهرة على جسد الشاب عمار سلطان تمثل تأكيداً بأنه قضى تحت تأثير أساليب شديدة من التعذيب.

 

 

وأضاف المصدر أن فرضية الوفاة بالتعذيب تبدو غير واقعية وبعيدة عن التناول الدقيق إذ لا آثار شنق بحبل أو أي نوع من أدوات الاختناق على منطقة الرقبة، كما أن عملية الانتحار شنقًا تتطلب فترة طويلة حتى يختنق الشخص المنتحر وبالتالي هذا سيضع علامة حول الرقبة من شدة في منطقة الرقبة.

 

 

وعزز مصدر أمني رفض الافصاح عن أسمه خوفا من ملاحقته، الرواية التي تفيد بوفاة الشاب سلطان تحت التعذيب موضحًا أن القائمين على غرف السجون داخل معسكر 20 يقيدون حركة أي سجين وبالتالي لا يستطيع أيً منهم التحرك داخل مربع الزنزانة وهو ما ينفي فرضية إن الشاب سلطان انتحر عبر شنق نفسه.

 

 

وقال المصدر إن قيادة معسكر 20 تمنع وجود أي وسائل بسيطة يمكن أن يستعين بها السجين داخل زنزانته لإبداء أي نوع من المقاومة.

 

 

معسكر 20 مركز اعتقال وتعذيب

 

بحسب مصدرين أمني وخاص لـ"المصدر أونلاين" فإن الشاب سلطان لا يعد الحالة الأولى التي تتعرض للتعذيب داخل معسكر 20، إذ أن ثلاثة نشطاء وصحفيين تعرضوا للتعذيب في العام 2017 وخرجوا من المعسكر وكانت الآثار بادية على أجسامهم من شدة التعذيب.

 

 

ويعيد مقتل الشاب عمار سلطان داخل زنزانة في معسكر20 التذكير بالدور الموازي للدولة الذي تمارسه القوات المحلية المدعومة من التحالف في عدن، فهذه الأخيرة باتت الآن تمتلك معسكرات وسط المدن ولديها معتقلات وسجون سرية، كما أنها تؤدي مهام لا تعد من مجال عملها واختصاصها، وهذا أدى لتراجع القوى الأمنية الرسمية المعنية بالأمر.

 

 

وتمثل حادثة مقتل الشاب عمار سلطان تأكيداً على أن القوات المحلية المدعومة من الإمارات أصبحت تعزز من موقعها في المسرح الأمني على وقع تراجع القوى الأمنية الرسمية، حيث لم تحقق شرطة كريتر تقدماً لافتًا في التعامل مع قضية الشاب عمار مع أن القضية بحسب دوافعها والتهم الموجهة للشاب لا تعد من إختصاص قوات كتيبة الطوارئ وإنما من مهام أعمال شرطة كريتر.

 

 

وقال مصدر خاص لـ"المصدر أونلاين" إن إمام النوبي هو المتحكم الأول بالوضع الأمني في مدينة كريتر مندفعاً بقوة النفوذ والدعم الذي يُمرر له من قبل الإمارات، وفي كثير من الأوقات كان يقف عائقا أمام تحقيقات شرطة كريتر في بعض القضايا الجنائية وحوادث السرقة، ويتدخل لأخذ المتهمين واحتجازهم لديه في زنازين داخل المعسكر.

 

 

وبحسب المصدر فإن متهمين كثر لديهم قضايا لم يحسم فيها "لم يحدد عدد هؤلاء" باتوا يتعرضون للتعذيب في معتقلات داخل معسكر 20 بشكل غير قانوني دون إجراء أي تحقيقات معهم، لكن مسألة الإعتقال لا تتوقف فقط عند المتهمين فالقوات الأمنية في معسكر 20 أعتقلت من سابق نشطاء مجتمعيين ومثقفين شباب وتولى أفراد من المعسكر تعذيب هؤلاء بشكل قاسي.

 

 

لكن ليس الأمن فقط من يبرز صورة هذا الحضور المتنامي لنفوذ معسكر 20 في كريتر، ففي وقت سابق قبل حوالي عامين شرع إمام النوبي بالسيطرة على أراضي تابعة للمعسكر وقال إنه وزعها على شباب من عدن قتلوا في معارك الحوثيين، قبل أن يبرز بعض التراجع عن الموقف، لكن مصادر محلية قالت لـ"المصدر أونلاين" إن النوبي لم يتراجع فعلياً عن قراره الإنفرادي بتوزيع أراضي تابعة للمعسكر لكن الأراضي وزعت لمقربين منه وأستثني منها الكثير ممن قاتلوا في معارك ضد الحوثيين.

 

 

ردود الفعل.. ما الذي حدث؟

 

أدى مقتل الشاب عمار سلطان في معسكر 20 إلى مواجهات مسلحة بين قوات الحزام الأمني ومسلحين محليين مقربين من القتيل، وبحسب مصادر محلية وشهود عيان شارك أفراد من مركز شرطة كريتر يعتقد أنهم مقربون من القتيل في المواجهات بغية الضغط على قيادة معسكر 20 لتسليم المتهمين بقتل الشاب سلطان، وأدت الإشتباكات إلى مقتل جندي من قوات الأمن لكن قوات معسكر 20 قالت إن الشاب عمار انتحر داخل الزانزانة بعدما ربط عنقة بأعلى سقف الزنزانة.

 

 

وأقترب مسلحون محليون من معسكر20 الواقع وسط مدينة كريتر، لكن قوات كتيبة الطوارئ التابعة للحزام الأمني تصدت للمسلحين وأجبرتهم على التراجع.

 

 

وبحسب المصادر فإن شرطة كريتر لم تتدحل في المواجهات بشكل رسمي لكن جنوداً من شرطة المدينة مقربين من القتيل شاركوا في الاشتباكات إلى جانب المسلحين المحليين المطالبين بتسليم المتهمين بقتل الشاب عمار.

 

 

وبعد يوم من المواجهات قالت قوات الدعم والإسناد إنها أقالت امام النوبي قائد معسكر 20 وعينت شقيقه عواد بدلاً عنه، ووفق مصادر خاصة تحدثت لـ"المصدر أونلاين" سعت قيادة قوات الحزام الأمني لإيجاد نوع من التوازن في قضية مقتل الشاب عمار فهي من جانب أقالته وأحالته للتحقيق بحسب مسودة القرار في خطوة تسعى من خلالها لكسب ثقة السكان المحليين في كريتر والحفاظ على حضور قواتها ولكنها من جانب آخر فضلت ألا تخسر أحد حلفائها الأقوياء في كريتر بشكل كامل لتعيّن شقيقه بديلًا عنه.

 

 

وقال المصدر إن قيادة قوات الحزام الأمني باتت مقتنعة أن امام النوبي متورط بشكل مباشر في الحادثة وأن الشاب قضى نتيجة التعذيب ما أدى إلى محاولة احتواء الموقف وإقالته وتحويله للتحقيق، وأضاف المصدر أن خطوة إحالة إمام للتحقيق تعد اعترافاً بشكل غير مباشر من قيادة الحزام الأمني بتسبب قوات معسكر 20 بوفاة الشاب عمار نتيجة للتعذيب.

 

 

لكن المصدر قال إنه ليس من الأكيد أن يحال إمام للتحقيق إذ أن الكثير من قادة الحزام الأمني سبق وتورطوا في حوادث تعذيب لكن أحدًا منهم لم يتم التحقيق معه.

 

 

كما أن تعيين شقيقه بدلاً عنه يمثل عملية تجديد لمشاعر الغضب إزاء النوبي وشقيقه وهو ما قد يؤدي إلى تجدد المواجهات لتسليم المتهمين الرئيسيين.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص