2025-12-07 الساعة 06:14م (يمن سكاي - خاص)
تواصل المملكة العربية السعودية لعب دور محوري في دعم الأمن والاستقرار في اليمن، من خلال جهود سياسية وعسكرية وتنموية تهدف إلى تثبيت مؤسسات الدولة وإعادة ضبط المشهد الأمني في مختلف المحافظات، وفي مقدمتها حضرموت التي باتت تمثل أحد أهم مراكز الثقل السياسي والاقتصادي في البلاد.
وتأتي زيارة الوفد السعودي رفيع المستوى إلى حضرموت الأسبوع الماضي ضمن سلسلة تحركات مكثفة تقودها الرياض لاحتواء التوتر المتصاعد في المحافظات الشرقية، في وقت شهدت فيه مديريات الوادي والصحراء تحركات عسكرية أحادية من قبل قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، ترافقت مع السيطرة على عدد من مؤسسات الدولة ورفع أعلام الانفصال في المقار الحكومية.
مساعٍ سعودية لاحتواء التوتر وتثبيت مؤسسات الدولة
وبحسب مصادر حكومية، فإن زيارة الوفد السعودي هدفت إلى تقييم الوضع الميداني والوقوف على تداعيات التصعيد، إلى جانب دعم جهود التهدئة التي تبنتها المملكة خلال الأسابيع الماضية، عبر التواصل المباشر مع مختلف الأطراف المحلية لضمان العودة إلى مسار الدولة، ووقف أي خطوات من شأنها تقويض الأمن والاستقرار أو خلق واقع موازٍ خارج إطار مؤسسات الشرعية.
وأكدت المصادر أن الرياض عملت خلال الفترة الماضية على تقديم ضمانات لتثبيت الأمن في حضرموت، وتمكين السلطات المحلية من أداء مهامها، ومنع انزلاق المحافظة نحو صراع جديد قد يهدد المكاسب التي تحققت خلال الأعوام الماضية على مستوى مكافحة الإرهاب وتأمين طرق التجارة والمنافذ الحيوية.
حضرموت… ثقل اقتصادي ومسؤولية مشتركة
وتنظر السعودية إلى حضرموت بوصفها ركيزة أساسية في منظومة الأمن الوطني والإقليمي، ليس فقط بسبب موقعها الجغرافي واتساع مساحتها، بل أيضًا لكونها من أكثر المحافظات استقرارًا خلال سنوات الحرب.
إلا أن التحركات المسلحة الأخيرة — بحسب مراقبين — أثارت قلقاً واسعاً، خصوصًا بعد سيطرة قوات الانتقالي على مؤسسات مدنية ورفع أعلام الانفصال عليها، في خطوة اعتُبرت تهديدًا مباشرًا لسلطة الدولة، وانعكاسًا خطيراً على الوضع الأمني والإداري في المحافظة.
ويرى محللون أن الزيارة السعودية جاءت في توقيت حساس لـ"إعادة توازن المشهد"، ومنع تفاقم الخلافات الداخلية التي قد تستغلها جماعات مسلحة أو تنظيمات إرهابية لإعادة حضورها في مناطق حساسة كانت مستقرة نسبيًا.
دعم اقتصادي وتنموي موازٍ للدعم الأمني
إلى جانب دورها في تثبيت الأمن، تواصل المملكة تنفيذ برامج دعم اقتصادي وتنموي في مختلف المحافظات، أبرزها برنامج دعم المشتقات النفطية، ومشاريع إعادة تأهيل البنية التحتية، وتمويل قطاعات حيوية من خلال البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، والذي نفّذ وحده أكثر من 200 مشروع في مجالات الصحة والتعليم والمياه والطاقة.
وفي حضرموت على وجه الخصوص، أسهمت المشاريع السعودية في تعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تقديم الخدمات، وتوفير استقرار معيشي ساعد بشكل كبير في خفض التوترات الاجتماعية ومواجهة آثار الحرب.
رسالة سعودية: الأولوية لعودة الدولة ووحدة الصف
وبحسب مصادر سياسية، حملت الزيارة السعودية الأخيرة رسائل واضحة تؤكد أن المملكة ترى في مسار الدولة ووحدة القرار الأمني أساسًا لا يمكن تجاوزه، وأن أي تحركات أحادية — سواء تمثلت في السيطرة على مؤسسات الدولة أو فرض أعلام خارج إطار الهوية الوطنية — تُعد خطوات مرفوضة وتضر بالمصلحة العامة.
وتشير هذه التحركات إلى أن الرياض تسعى لتهيئة المناخ لعودة القوات النظامية إلى مواقعها، وتفعيل دور الأجهزة الأمنية الرسمية، وإعادة المؤسسات للعمل من داخل إطار الشرعية، بما يحفظ لحضرموت استقرارها ويجنب اليمن الدخول في مسارات صراع جديدة.
تكشف الزيارة السعودية والجهود التي سبقتها وتلتها عن دور استراتيجي تسعى المملكة إلى ترسيخه في اليمن، يقوم على دعم الأمن والاستقرار، وتثبيت حضور الدولة، والتحذير من أي مسارات موازية قد تؤدي إلى تفتيت السلطة، أو جرّ البلاد إلى نزاعات جانبية يخسر فيها الجميع.
وفي ظل التصعيد الأخير في حضرموت ورفع أعلام الانفصال فوق المؤسسات الحكومية، تبدو جهود الرياض أكثر أهمية من أي وقت مضى لضمان بقاء المحافظة ضمن إطار الدولة، والحفاظ على ما تم تحقيقه من أمن واستقرار، والدفع نحو مسار سياسي شامل يحفظ لليمنيين وحدتهم ومستقبلهم.