أهم الأخبار

سيرة ذاتية لا تبعث على الاطمئنان.. ما لا يعرفه اليمنيون عن جمال بنعمر

2015-02-11 الساعة 04:21م (يمن سكاي - رياض الأحمدي)

مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بنعمر الذي يقدم في بعض وسائل الإعلام كمنقذ ‏استثنائي، ليس استثنائياً ولا منقذاً.. بل هو صاحب سجلٍّ حافل بالأدوار المشبوهة والمحطات ‏الغامضة. ‏

جمال الدين بنعمر الذي ولد في العام 1957 بمدينة الناظور في المغرب وينحدر من قبيلة ‏بني ورياغل الأمازيغية، وترعرع في مدينة تطوان، بدأ مسيرته العملية أثناء فترة الدراسة ‏الإعدادية "حيث كان في كل عطلة صيف، يعمل في أحد الفنادق السياحية الكبيرة".. بحسب ‏شهادة أحد رفاقه. ‏

البوليساريو

اعتقل جمال بنعمر في 1976 خلال ما سمي في المغرب بـ"سنوات الرصاص" بسبب ‏انتمائه لحركة سرية تؤيد انفصال الصحراء المغربية عن المملكة المغربية، وهي  منظمة ‏‏"إلى الأمام" اليسارية التي أسسها اليهودي المغربي ابراهام السرفاتي والمرتبطة بجبهة ‏البوليساريو الانفصالية. ‏كما يوصف بنعمر من بعض أصدقائه بأنه مناضل "يساري".

بعد اعتقاله حكم عليه بالسجن 12 عاما، قضى منها ما يقرب من 7 سنوات في سجن ‏‏"القنيطرة"، ليفرج عنه في العام 1983 وبعد الإفراج عاد للعمل بأنشطة معادية لبلاده ليعتقل ‏مرة أخرى  لأشهر فر بعدها من البلاد. ‏

الهروب السري

غادر جمال بنعمر المغرب سراً إلى أسبانيا ومنها إلى فرنسا ولاحقاً بريطانيا، لكن الرجل  ‏المثير للجدل لم يكن كأي مهاجر يغادر بلاده بطريقة غير مشروعة، بل كان له من يستقبله ‏ويحوله إلى مسؤول دولي في فريق متجول بالبلدان التي تشهد أزمات في العالم. ففي فرنسا ‏درس جمال بنعمر في المركز الوطني للبحث العلمي، ثم انتقل إلى بريطانيا لينضم إلى منظمة ‏العفو الدولية، ثم إلى واشنطن لينضم إلى معهد كارتر الذي قفز به إلى الأمم المتحدة.  ‏

في السودان ‏

في السودان كان جمال بنعمر هو المسؤول عن الملف السوداني بمنظمة العفو الدولية التي كانت "ترساً في ماكينة طحن ‏الدول والشعوب" بتعبير أحد مراكز الدراسات السودانية، حيث كانت منظمة العفو تقدم ‏التقارير تلو  التقارير المضللة ضد السودان خدمة لحركات التمرد والانفصال في دارفور ‏والجنوب. تلك التقارير التي اضطرت المنظمة في بعض المرات إلى الاعتذار عنها بعد إثبات ‏السودان زيفها.  وقد كان جمال بنعمر الشخصية الثانية في المنظمة. ‏

 

ويخلص المركز السوداني للخدمات الصحفية إلى القول: "لقد ظل السودان ومنذ عقود هدفا ‏دائما ومجرما مطلوبا على الدوام لمنظمة العفو الدولية بصورة وشكل يتناقض تماما ‏ومقتضيات النزاهة والحياد والشفافية المطلوبة في المنظمات العاملة في مجالات دعم حقوق ‏الإنسان والعمل الإنساني الاغاثى وغيرها من حقول ودوائر العمل، لقد وضح بالأدلة والحقائق ‏والوقائع ان منظمة العفو الدولية منظمة سياسية وأنها ترس في ماكينة طحن كل الحكومات ‏والشعوب المغضوب عليها ولو كان الثمن وصف المنظمة في غالب بياناتها عن السودان ‏وتقاريرها بالكذب والكذب البواح".‏

مع جيمي كارتر ‏

في أواخر الثمانينات انضم جمال بنعمر إلى فريق يهتم بأزمات العالم وهو فريق الرئيس ‏الأمريكي الأسبق جيمي  كارتر، الذي يعد من أهم موجهي السياسة الأمريكية، وفي  عهده ‏تمت العديد من الصفقات والاتفاقات المشبوهة والمفصلية في التاريخ وعلى رأسها اتفاقية ‏كامب ديفيد. ‏

أصبح جمال بنعمر أحد رجال معهد السلام العالمي الذي يرأسه كارتر حتى أصبح مستشاره ‏الخاص. جمال الذي قفز به كارتر إلى الأمم المتحدة في العام 1993 متخطيا الأعراف الأممية ‏التي تفترض بأي مسؤول يترشح لشغل منصب في الأمم المتحدة أن يحصل على دعم من ‏بلاده. ظل، جمال بنعمر، يتقدم في المناصب في  الأمم المتحدة بسبب قوة الوساطة ممثلة في ‏كارتر الذي تشير الأمم  المتحدة في النبذة التعريفية لبنعمر أنه أحد رجاله. على الرغم أن ‏المغرب قدمت أكثر من 5 مرات احتجاجات رسمية للأمم المتحدة على وجوده.  وهناك ‏اتهامات أخرى تردد لم نوردها لعدم وجود ادلة قوية. ‏

في أفغانستان والعراق ‏

طاف جمال بنعمر العديد من الدول التي شهدت صراعات مسلحة  أو غزواً أمريكياً، ‏كمبعوث للأمم المتحدة أو مسؤول مهم في فريق البعثات. وقد رافق المبعوث الجزائري ‏الأخضر الإبراهيمي في  بعض المهمات الأممية. ويوصف الرجل في العديد من التناولات ‏بأنه خبير متخصص بالدول التي  تشهد سقوطاً للدولة أو صراعات مسلحة شديدة. ‏

يتواجد بنعمر في الأماكن الأكثر سخونة وحرباً ثم لا يكون دوره  ومنجزه بعد ذلك واضحاً.. ‏بعد غزو أفغانستان 2001 كان جمال ضمن  الفريق الأممي المكلف بتأسيس أفغانستان ما بعد ‏الغزو برئاسة الأخضر الابراهيمي، ولا توجد  الكثير من التفاصيل حول  دوره هناك، على ‏الرغم من أهمية أن  يكون ذلك واضحاً لمعرفة النجاحات والإخفاقات. ‏

وغير بعيد عن أفغانستان، كان جمال بنعمر من أبرز مسؤولي بعثة الأمم المتحدة إلى العراق ‏بعد الغزو الأمريكي البريطاني الإيراني في العام 2003، حيث أشرف على إعداد وتنصيب ‏أول حكومة في عهد الاحتلال برئاسة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، كما أنه أعد الدستور ‏الفدرالي للعراق الذي جرى الاستفتاء عليه في 2005. بعد أن كان مكلفاً من الأمين العام  ‏للأمم السابق كوفي إنان لدعم "مؤتمر الحوار الوطني العراقي"، والأخير عملية ليست بعيدة عن فكرة "مؤتمر الحوار في اليمن".  ‏

وتشير العديد من التقارير إلى أن بنعمر يعد ضمن الدائرة الضيقة الخاصة بملف العراق ‏المحتل في الأمم المتحدة وما يتصل به من قرارات. كان يقود المفاوضات بين الميليشيات ‏المتناحرة وفرق الموت التي ظهرت مع الإحتلال للعراق، بما تعنيه تلك الفترة من صداقات ‏وصلات برموز تلك الفترة كالحاكم الأمريكي بول بريمر والزعيم الشيعي مقتدى الصدر ‏وآخرين. ‏

واللافت في الأمر إنه لا توجد الكثير من التفاصيل عن دوره في العراق وأفغانستان. لكن ‏العامل المشترك في دور بنعمر والفرق الدولية بشكل عام بدساتير بلدان ما بعد الصراع، أو ما ‏بعد الغزو، أو البلدان التي تقع فريسة التدخل الدولي، هو إقرار الفيدرالية كصيغة لشكل الدولة ‏بما يؤدي عمليا لترسيخ عوامل الانقسام بصورة دستورية ما يقلل فرص استعادة وتبلور ‏مشروع وطني موحد لقيام الدولة من جديد. كما يقول الخبراء. ‏

في اليمن ‏

يقدم الإعلام دور جمال بنعمر في اليمن كمنقذ استثنائي ، وفي الواقع العملي، يقول مراقبون، ‏إنه صانع المآزق والمطبات التي لا يقتصر تهديدها على العملية السياسية، بل على وحدة البلاد ‏ووجود الدولة من عدمها.‏

يقتصر نجاح اتفاق نقل السلطة في اليمن والتسوية السياسية على خلفية الاحتجاجات ضد ‏الرئيس السابق، في العام 2011 على دور دول مجلس التعاون الخليجي التي أعلنت عن ‏مبادرة لنقل السلطة بشكل سلمي. وهي بنود المبادرة الخليجية الموقعة بتاريخ ‏‏23نوفمبر2011. وتقع التقارير والتناولات الإعلامية والرسمية في خلط بين الدورين، وتقدم ‏بنعمر كبطل لها. ‏

في الواقع العملي أن جمال بنعمر جاء كوسيط في أزمة سياسية بين السلطة والمعارضة أو بين ‏نظام الرئيس السابق والمطالبين بإسقاطه وهي المبادرة التي كللت باتفاق نقل السلطة.. ومع ‏مرور الأيام وتمديد مهمة بنعمر تحول إلى مفاوض يرأس لجنة ذات طابع شطري تتفاوض ‏على تقسيم اليمن. فقد تكفل بنعمر بتحويل تعريف الأزمة من أزمة سياسية إلى أزمة وحدة ‏وانفصال وشمال وجنوب. ‏

في ورقة قدمها لإعداد الدستور في العراق في أغسطس 2003، حول الدروس المستفادة من ‏تجارب عدد من الدول بعد الصراع في صياغة دساتيرها. يقول بنعمر في أهم نتائجه إن "من ‏المفيد لحل النزاعات توسيع عدد المجموعات المشاركة في عملية ‏صنع الدستور". وربما أن ‏تلك هي القاعدة التي طبقها جمال بنعمر في مهمته في اليمن، حين استدعى الجماعات ‏الانفصالية والمسلحة إلى الحوار مع القوى السياسية على ثوابت الدولة وشكلها،  بما يؤدي إلى ‏خليط بين الدولة واللادولة والوحدة والانفصال. ما يعني أن الأزمة الحقيقية قد تبدأ مع نهاية ‏دور بنعمر. ‏

ويشير تقرير حديث صادر عن مركز نشوان الحميري للدراسات بصنعاء عن أن الدور ‏الايجابي لجمال بنعمر في اليمن يكاد يكون انتهى فعليا عقب الاستعانة به لتفكيك بعض ‏مراكز قوى النظام السابق اذ تحوّل بعدها، حسب تعبير مراقبين مستقلين، من "ميسِّر" للعملية ‏الانتقالية إلى "مسيِّر" لها.‏

ويقول التقرير: لم يعد الرجل محل ترحيب وإجماع بل صار مادة اختلاف ومهاترة.. وملحوظ ‏انه فرط في واحد من أهم بنود المبادرة الأم وهو ازالة أسباب التوتر اذ لم يسعَ لبذل الجهود ‏لمساعدة الأطراف الموقعة على ازالة الاحتقان الناشئ عن تمترسات 2011، بل صارت ‏تصريحاته تغذي الخلاف وتعمقه. وتنقل الكرة الى ملعب الجماعات الطارئة من خارج مربع ‏التوقيع. وعلاوة على ان استمرار وجوده صار يشكل عبئا على الرئيس هادي يضعف من ‏شخصية الاخير، فإن بنعمر تسبب ليس فقط في عدم التئام الشمل بين الاطراف بل أسهم في ‏صنع خلافات داخل كل طرف على حدة بناء على المواقف المتخذة يمنيا من سياساته التي ‏تصر على اعتبار التوافق حول تغيير شكل الدولة من البسيطة الى المركبة، معيارا لنجاح ‏الحوار.. ولا يفتأ من التلويح المستمر بالعقوبات لمن يسميهم "معرقلي التسوية" في طور لم يعد ‏يستدعي هذا التلويح بل يستدعي لغة التقريب والاقناع.. الامر الذي دعا بعض المراقبين ‏لوصف بنعمر بأنه صار "المعرقل الحقيقي الاول لعملية التسوية في اليمن".‏

نقلا عن نشوان نيوز

الأكثر زيارة
شارك برأيك
ابوهاني
1
2015-02-11
بن عمر
بن عمر اصلا شيعي
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص