أهم الأخبار

الفقر في اليمن الانقلابيون يزدادون ثراء واليمنيون يستقبلون شهر رمضان المبارك دون مرتبات والتحالف يتجاهل

2017-05-26 الساعة 05:40م (يمن سكاي - اليمن)

منذ أعلن الحوثيون إعلانهم عن “حكومة انقاذ” مع حليفهم الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، لم يتمكنوا من تسليم مرتبات الموظفين الحكوميين، رغم الوعود المتكررة والظهور المستمر لرئيسها عبدالعزيز بن حبتور والتي تقدم بها لنيل ثقة “برلمان صالح”.
تسببت هذه الحكومة بإنكشاف الفساد غير المنتظم للمسلحين الحوثيين وقيادات الجماعة، كما كشفت عن الخلافات العميقة في جدار الانقلابيين، فقد تم استدعاء هذه الحكومة إلى برلمان صالح لكنها تُقدم الوعود ولا تقدم أي شيء غيره.
ومع مرور الوقت غرقت حكومة بن حبتور في مناكفات لا طائل لها بين حليفي الانقلاب، ليصدر عنها تصريحات وتصريحات مضادة، فبينما يصرح رئيس الوزراء بن حبتور متبجحا بأن حجم الإيرادات التي استطاعت حكومته إيصالها للبنك المركزي خلال شهر ديسمبر/كانون الأول 2016م بلغت 400 مليار ريال ، مؤكدا تجاوز الخطر، ومتعهدا بصرف المرتبات، يخرج وزير المالية ليكذب تصريح رئيس وزرائه ويؤكد عجز الحكومة التام عن صرف المرتبات، في ظل إخفاء البيانات والمعلومات المالية من وزارة المالية عن الحكومة، إذ لم يكن أحد من الحكومة، لا الرئيس ولا الوزراء يعلمون حجم الإيرادات والنفقات.
وأدت سيطرة الحوثيين على مؤسسات الدولة المالية في العاصمة صنعاء، بعد اجتياحها في سبتمبر/أيلول 2014م، إلى وضع سوداوي للاقتصاد أدى لاهتزاز الثقة داخل القطاع المصرفي.
لكن تلك الإيرادات التي تحدث عنها بن حبتور فقط على الورق. وقال مصدران مسؤولان لـموقع” اليمن ” إن اجتماعاً مع صالح شعبان، وزير مالية الانقلابيين، في مارس/آذار الماضي وأطلعهم على الإيرادات فقال إنهم لم يستطيعوا الحصول على إيرادات كافية لتغطية رواتب شهر واحد للموظفين الحكوميين في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.
شعبان أفصح أن ما تملكه حكومة الحوثيين مع ما استطاعت جمعه بالقوة والابتزاز منذ تعيينها نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لا يتعدى 27 مليار ريال يمني. مشيراً إلى أن المشرفين الحوثيين يرفضون توريد أي مبالغ إلى البنك المركزي ويقومون بنهبها. و”شعبان” أحد قادة الجماعة المعروفين. موضحاً إنهم بحاجة إلى أربعة أشهر متتالية لجمع رواتب الموظفين لشهر واحد فقط، حيث إن نفقات الرواتب تصل إلى 91 مليار ريال يمني، وهو ما يعتقد شعبان أنه صعب للغاية. وتذهب إيرادات بعض الجهات إلى حساباتها في البنك المركزي بصنعاء، لكنها لا تستطيع سحب المبالغ للوفاء بالتزاماتها وموظفيها بدون رواتب منذ 4 أشهر، بسبب ممارسات الفساد التي تتم من خلال الأفراد المعينين من قبل جماعة الحوثي. ورواتب موظفو الدولة تكلف 72 مليار ريال-حسب نفقات 2014م-، معتقداً أن المبلغ المتبقي هي رواتب من أضافتهم الجماعة إلى وظائف الدولة والذين سببوا تضخماً في الهيكل الإداري.
وقال المصدران إن حكومة الإنقلاب طوال الثلاثة الأشهر الماضية حولت الإيرادات إلى البنك المركزي بالقوة ونقداً من التجار ولم تعد تقبل الشيكات وهو ما فاقم أزمة السيولة في البلاد، حيث يرفض البنك المركزي إخراج مبالغ نقدية من داخله إلا لمصارف معلومة أبرزها المجهود الحربي.

كيف نمى الانقلابيون إيراداتهم؟
وفي نهم غير مسبوق لجميع المليارات، سلكت حكومة الانقلاب عدة طرق لتنمية إيراداتها، سواء عبر الطرق المشروعة أو الطرق الملتوية، فالمهم جمع أكبر قدر من الإيرادات التي يستغلها النافذون في وزارة المالية والبنك المركزي لإعادة توجيهها وصرفها للطرق المرسومة لها من قبل اللجنة الثورية وليس من قبل الحكومة، فبغرض الحصول على الإيرادات اتخذوا عدة إجراءات تمثلت في الآتي:
– الاستحواذ على أرصدة كافة الصناديق والمؤسسات والهيئات الإيرادية في البنوك التجارية، والتي تمثل مئات المليارات، ونهبها، ثم إجبار تلك الصناديق والمؤسسات والهيئات على تحويل أرصدتها إلى البنك المركزي اليمني.
– واستمر الانقلابيون في مواصلة إجراءات تنمية إيراداتهم فعملوا على ملاحقة أصحاب السيارات والمعدات المهربة وغير المجمركة، وفرضوا عليهم إجراءات صارمة أجبرتهم على ترسيمها وجمركتها، وحصلوا جراء ذلك على مليارات الريالات، في الوقت الذي عملوا على إعفاء 7000 سيارة يملكها مشرفو اللجان الثورية من الترسيم والجمارك بتوجيه من المجلس السياسي والحكومة ووزير الداخلية والمالية، ويرى المراقبون أن هذه السيارات هي التي نهبوها من مؤسسات الدولة.
ولم تتوقف المليشيات عند هذا الحد فاتجهت نحو الضرائب بشتى أنواعها: ضرائب الدخل، وضرائب المبيعات، وضرائب القات، وضرائب العقارات، وغيرها، ليزيدوا أعباء المواطنين ليزيدوهم أعباء إلى أعبائهم، وعملوا على ملاحقة التجار وأصحاب العقارات ومؤجري الشقق والبيوت، وفرضوا إجراءات صارمة لاستلام كل المتآخرات الضريبية للأعوام السابقة كاملة، فحصلوا على مئات المليارات من الريالات جراء هذه الإجراءات.
تستمر مسيرة تنمية الإيرادات، فابتكرت المليشيات منافذ برية في المداخل الرئيسية لصنعاء، لإقامة مراكز جمركية تجبر التجار والموردين وأصحاب القاطرات والناقلات، سواء ناقلات النفط والغاز، أم ناقلات المواد الغذائية بأنواعها، على دفع جمارك بمبالغ خيالية، تصل على كل قاطرة من ثلاثة إلى أربعة مليون تفوق أسعارها الحقيقية، ثم تنعكس هذه الجمارك أعباء على المواطنين.
وعلى الرغم من كل هذه الإيرادات عجز الانقلابيون عن تسليم مرتبات الموظفين، حيث يشهد البرلمان في كل مرة يستدعي فيها الحكومة جدلا بين الوزراء والبرلمانيين حول حجم الإيرادات مقابل انعدام النفقات التي تصرفها الحكومة عبر المالية والبنك المركزي، بل ويشهد أيضا جدلا بين أعضاء الحكومة أنفسهم حول تناقض أقوالهم فيما يتعلق بحجم الإيرادات، وفي كل مرة يكيل ابن حبتور وعوده للبرلمان بمقدرة الحكومة على الصرف، فبينما يتعهد أمام البرلمان في المرة الأولى بصرف كامل مرتباتهم، يرجع فيقول أمام البرلمان نفسه أنه سيصرف المرتبات عبر حسابات توفير بريدية، على أن يستلم الموظف 50% من راتبه عبر البطاقات التموينية، و 30% نقدًا ، فيما سيتم تحويل 20% من المرتبات إلى حساب التوفير البريدي.
وحتى هذه الوعود دحضتها وزارة مالية الحوثيين التي لا سلطان عليها، ببيانات تؤكد عجزها التام عن صرف المرتبات، بينما تظهر مقدرة كبيرة في دعم المجهود الحربي واللجان الثورية، فقد كشفت خطة الإنفاق التي أعدتها وزارة المالية التابعة للحوثيين والتي قدمت البرلمان أن فجوة التمويل بلغت حوالي 275 مليار ريال للربع الثاني من العام 2017م، وما يمكن تمويله من المصادر المتاحة في الحد الأعلى لن يتجاوز في أحسن الأحوال 45 مليار ريال من خلال أذونات الخزانة و السندات الحكومية، لذلك فإن فجوة العجز تتطلب توفير مصادر أخرى للتمويل في حـدود 230 مليار ريال يمني، مما يعني نكث الحكومة بوعودها للموظفين، بينما في وثائق سابقة قدمتها الحكومة للبرلمان تؤكد الحكومة أن إجمالي إيرادات عام 2016م بلغت نحو 901 مليار ريال يمني (نحو 3.6 مليار دولار)!!.
وتحتل وزارة المالية المسيطر عليها الحوثيون كأمبراطورية مستقلة بذاتها، منح وزيرها كافة الصلاحيات ليس من الحكومة وليس من البرلمان، فكل هؤلاء لاسيطرة لهم عليها، ولكن كما يبدوا أن قراراتها تستمدها ممن هو أقوى من هؤلاء جميعا، ربما رئيس اللجنة الثورية، أو ربما السيد نفسه، ولذلك يخضع الجميع لتلك القرارات دون اعتراض، حتى عندما اعترض البرلمان على زيف وعدم مصداقية البيانات التي حملها تقرير الحكومة المالي الذي أعدته وزارة المالية دون اطلاع الحكومة، والذي تم عرضه على مجلس النواب؛ لم يملكوا أمامه إلا التسليم له، وإقراره، رغم تأكدهم من أنه تضمن مغالطات واضحة. مما يؤكد أن وزير المالية يتمتع بدعم كبير تجاوز الحليفين.

علاقة مشبوهة بين الحكومة والتجار
ثمة علاقة نشأت بين الانقلابيين وخاصة الحوثيين والتجار، أو واتفاقيات غير معلنة، أتاحت للتجار ورجال الأعمال السيطرة المطلقة على الأسواق المحلية، والتحكم فيها، والتلاعب بالأسعار حسبما تقتضيه مصالحهم، مقابل الدعم السخي للمجهود الحربي، ومليشيات اللجان الثورية التي تتولى حمايتهم، وهكذا أصبح المواطن اليمني يعاني من وطأة حكام الانقلابيين، ويعاني من جشع التجار.
ولعل هذه الحرية المطلقة التي يتنعم بها التجار، والتلاعب بالأسعار بحسب هواهم، هي التي أغرت الحوثيين على خوض غمار التجارة، فظهر تجار جدد في جميع المجالات التجارية، النفطية والغذائية وغيرها، يتحكمون في الأسواق، ويتلاعبون في قوت المواطنين.
وتستمر هذه العلاقة في التنامي، والتآمر على المواطنين والموظفين على حد سواء، فبينما تتنامى الإيرادات كثيرا في هذا العام إلا أن الحكومة امتنعت عن صرف المرتبات، والدخول في صفقات مربحة مع التجار، تقضي بالتعاقد معهم لصرف مانسبته 50% من مرتبات الموظفين كسلع غذائية( لشهر واحد في بعض المؤسسات وثلاثة أشهر كحد أعلى لبعض المؤسسات، وتبقى خمسة إلى ستة أشهر من المرتبات المصادرة) وبذلك يستفيد التجار من هذه الصفقة بالتخلص من مخزون المواد الغذائية التالفة، والاستفادة من رفع الأسعار التي لايوجد للموظفين للموظفين خيار بديل إلا الخنوع وأخذ المواد السلعية بالأسعار التي يحددها التاجر نفسه. إلى جانب إستفادة الجانب الحكومي بالعمولات الكبيرة التي يحصلون عليها، بينما يظهرون للموظفين أنهم أسهموا في حل مشكلة المرتبات، وتخفيف المعاناة على الموظفين، ويبقى النصف الثاني من المرتب مصادرا بيد الحكومة.
ويبقى الموظفون يتزاحمون على أبواب المحلات التجارية قبيل شهر رمضان المبارك لشراء ماجادت به حكومة الانقلاب من بيعة حقيقية لمرتباتهم لتجار جشعين لايرقبون في مواطن إلا ولا ذمة.

المصدر| موقع اليمن

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص