أهم الأخبار
ياسين التميمي

ياسين التميمي

خطاب عبد الملك نعي للانتفاشة الحوثية

2015-12-24 الساعة 05:11م

يمكن وصف خطاب عبد الملك الحوثي الذي ألقاه عصر الأربعاء الـ23 من ديسمبر/كانون الثاني الجاري، مستغلاً حلول ذكرى المولد النبوي الشريف، بأنه نعي حقيقي لمرحلة "الانتفاشة الحوثية" بحسب وصف السياسي البارز المعتقل حتى اليوم في سجون الميلشيا الأستاذ محمد قحطان، وهو أيضاً تدشينٌ لمرحلة من العمل الحركي السري التي ربما تلي عملية استعادة الدولة.

واستعادة الدولة يبدو أنه هدف قريبٌ جداً في ظل الزحف العسكري الكبير لقوات الحكومة والمقاومة بدعم من التحالف العربي صوب العاصمة صنعاء المعقل الأخير لميلشيا التمرد.

ثمة مفردات شكلت بحد ذاتها مفاتيح للمرحلة التي هيأ لها خطاب زعيم الحرب الميلشياوي عبد الملك الحوثي، مثل "الجبهة الثقافية" و"الجبهة الإعلامية" حيث لوحظ أن هذه الكلمات والعبارات وردت في خطابه قبل " الجبهة العسكرية" و"الجبهة الأمنية"، ما قد يعني أنها دعوة مبكرة للدخول في مرحلة طويلة من العمل السري، لكن دون أفق حقيقي بالنظر إلى التغير الهائل في قواعد اللعبة السياسية بالمنطقة.

دعا الحوثي أتباعه إلى مواجهة "الوَهَن مهما طالت الأحداث"، وقال أيضاً "يمكننا أن نصمد جيلا بعد جيل".. هي إشارات واضحة إلى طبيعة المرحلة القادمة، والتي ستكون مرحلةَ صبرٍ وليست مرحلة قتال أو مواجهات، خصوصاً وأنه هذه المرة قالها صراحة " إن التطورات التي في الجوف أو في مأرب ساهم فيها تقصير من البعض وشراء الذمم والولاءات".

هو يدرك جيداً أنه ليس في مأمن من مكر حليفٍ مراوغ مثل المخلوع صالح، ولن يستطع بعد الآن أن يشتري الولاءات، وأن يدفع بالعشائر إلى أتون محرقة مشروعه الطائفي، وهو يعلم أن الأمر منذ البداية قام على عملية بيع وشراء سافرة، لكن يبدو أن طرفاً آخر استطاع اليوم أن يفوز فيها، قد لا يتعلق الأمر بوفرة المال لدى هذا الطرف، بل لأن عبد الملك الحوثي وعصابته أفسدا في الأرض ولم يتركا هامشاً لأحد لكي يساوم على وجوده بكرامة على الأقل..

بات عبد الملك الحوثي يتحدث بوضوح عما أسماه "صفقة الخونة" بالتأكيد الخونة ليسوا أولئك الذين يقاتلونه في الميدان، دفاعاً عن أرضهم وكرامتهم بل أولئك الذين يبدو أنهم تركوه في منتصف الطريق.

ورد في خطابه ما يدل على ذلك فقد شكا من أن "واقع الخونة في الداخل أرهق البلد والنشاط الكبير لشراء الولاءات هو مأساة في البلد والمنطقة، ويقدم خدمة كبيرة للأعداء في كل ما جرى" على حد تعبيره، وزاد أن وصف حلفاءه بالأغبياء لأنهم باعوا شعبهم وكرامتهم مقابل حفنة من المال".

لهذا دعا أنصاره إلى عدم الانتظار حتى " يتحرك الجميع نحو التغيير".. قائلاً: "من يتحركون اليوم فيهم الخير والبركة".

لا يستطيع عبد الملك الحوثي أن يدعي أن أنصاره ليسوا أيضاً جزءاً ممن وصفهم بالخونة، هم قاتلوا إلى جانبه لكن جزءاً كبيراً منهم انصرف للعمل في السوق السوداء التي لا تتاجر بالمشتقات النفطية والسلع الأساسية بل أيضاً تتاجر بمكتسبات الميلشيا السياسية والعسكرية أيضاً.

هاجم أمريكا إسرائيل كثيراً كعادته ولكنه لم يكف عن اللعب على وتر "داعش والقاعدة" ، وعلى حضورهما في المحافظات الجنوبية، إنه مضطر لتذكير الغرب بأنه ليس فقط النقيض العقائدي للقاعدة بل الأداة الطائفية الوحيدة التي يمكن أن تحارب القاعدة نيابة عن أمريكا بدون أي مقابل.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص