أهم الأخبار
علي البكالي

علي البكالي

الطريق إلى صنعاء

2015-11-17 الساعة 11:17ص

استخدمت هذه العبارة عنواناً لفيلم الصندوق الأسود حسب تسمية قناة الجزيرة التي تتبعت أسرار سقوط العاصمة صنعاء في 21سبتمبر 2014م.

لكنني أستخدمه اليوم بالإتجاه المغاير للحديث عن عودة صنعاء وعودة الدولة.

بكل المقاييس والإعتبارات لا يمكن إنكار أن اليمن بكاملها سقطت دفعة واحدة في يد المليشيات الحوثية والمشروع الإيراني بمجرد سقوط العاصمة صنعاء، ولا نزال نتذكر يومها زغاريد طهران وتصريحات اللهيان البهلوانية.

إننا حينما نتحدث عن صنعاء العاصمة لا نتحدث عنها كغيرها من محافظات الجمهورية، لا من قبيل التمييز للجغرافيا أو الإنسان ولكن لكونها العاصمة الممسكة بكل مفاصل الدولة وخيوطها والجامعة لكل مصالح اليمنين وألوانهم.

إنها صنعاء اليمن واليمنيين ومهما كانت محفوفة بالمخاطر والجهالة والفوضى والهمجية فإنها تبقى رأس اليمن وحاضرتها وملتقى مشارب اليمنيين جميعاً.

في لحظات النزق وبسبب همجية المليشيات القادمة من أدغال وجروف صعدة ارتفعت أصواتنا وكثير من المثقفين للمطالبة بتغيير العاصمة، كون صنعاء محفوفة بالمكاره من كل إتجاه.

غير أن الواقع كشف لنا أموراً كثيرة لا يمكن تجاوزها في هذا السياق.

حتى أولئك الذين غالوا في إظهار القطيعة مع صنعاء لم يكن بمقدورهم أبداً التحول إلى غيرها قبلة لتوجهاتهم.

كادت عتمة المشهد السياسي والأمني أن تعصف حتى بالعقول المستنيرة، فالكل تخندق خلف أسوار قريته ومدينته ومحافظته.

قصر همه وسعيه وجهده للحديث باسمها، ورفع عقيرتها، وإبراز مظالمها.

حتى وحدة الهدف التحرري المناهض للمليشيات المحتلة للمدن وأنصار المخلوع صالح لم تغن في ميدان التمنطق شيئاً.

حتى بدت المقاومة الشعبية أشبه بأجزاء متناثرة تجترها نزعة المناطقية.

بالأمس القريب كان إخواننا في المقاومة الجنوبية يتحدثون عن تحرير الجنوب وحسب، ويرفضون مدّ تعز بأدنى مساعدات بحجة الإهتمام بالجنوب وحسب!

لكن وبعد مرور فترة وجيزة تأكد لهم أن تعز بوابة الجنوب وأمنها أمن للجنوب بشكل عام.

بالأمس كتب صديقي مروان عن مظلمة (تعز) وصور معركتها مع كل اليمنيين، فهي من وجهة نظره تقاوم غزو محافظات الجمهورية العربية اليمنية، وحصار جمهورية اليمن الديمقراطية - كما سماها.

ما كنت أتوقع أن تسيطر حالة النزق على المثقفين الكبار حتى تفتت وطنيتهم وإيمانهم بوطنهم الكبير.

وفي بداية المعركة كنت أجد أصدقاء لي في مأرب الحبيبة يرفعون مظلمة مأرب دون الشعب اليمني، لكنهم مع الأيام رأوا العشرات والمئات من أبناء اليمن من غير مأرب يفدون للدفاع عن مأرب وقتال المليشيات الحوثية.

لا أشك وهلة من أن كل جبهات القتال والتحرر شهدت لفيفاً من كل اليمنيين يقاتلون جنباً إلى جنب لدحر المليشيات والطائفية.

ها نحن نراقب معركة تحرير تعز الأبية والفرحة تغمرنا بعد كل تلك الجرائم التي ارتكبتها مليشيات الدمار والجهل والفوضى في حق المدينة البريئة وأهلها الكرام، لكننا سنقف بعدها لنسأل هل عادت الدولة؟ وانقضى مشروع الإنقلاب والمشلنة والتطييف؟

بالطبع قد يقف البعض عند حدود قدميه، خاصة ومناطق آزال تعد الرافد العسكري للمليشيات كما يترائى للناظر.

لكن الحقيقة التي لا مناص عنها هي أن اليمن ستظل رهن الإعتقال والتطييف والإرهاب والفوضى ما لم تتحرر صنعاء وتعود الدولة، هذه هي الحقيقة.

ألم تسقط المحافظات تباعاً كورق الربيع بعد سقوط صنعاء؟

إذن كيف نطالب بعودة الدولة دون صنعاء؟

بالأمس وجدت نفسي جذلا حينما قرأت إشهار مجلس المقاومة محافظة صنعاء، قلت في نفسي أزف رحيل المليشيات وعودة الوطن المسلوب.

لكني استأت جداً حينما وجدت الحديث منصباً على المحافظة دون العاصمة.

الكل يناضل متمنطقاً، فمن لليمن والدولة يا سادة؟

صنعاء يا سادة ليست لأصحاب سوق الملح ولا البليلي!

صنعاء عاصمة لكل اليمنيين، وهي أولى بالتحرير والتحرر من غيرها، لتعود الدولة ويعود الأمن والإستقرار.

كم أتمنى أن أسمع قريباً إتلاف مقاومة يمنية شاملة لتحرير العاصمة صنعاء من مليشيات الرعب والدمار والتطييف، بهكذا طريقة يجب أن يعبر اليمنيون عن إرادتهم في استعادة الدولة.

بالطبع لا تزال الطرق إلى صنعاء محتكرة بيد المليشيات وأنصار المخلوع.

حتى صرواح وجزر رغم إقتدار الجيش الوطني والمقاومة الشعبية مسنودة بالتحالف العربي على إنجاز تحريرها.

أنا على ثقة تامة أن جيشنا الوطني والمقاومة الشعبية يمتلك من العزيمة والقوة ما يمكنه من تحرير صنعاء في أيام معدودة، غير أن خلافات السياسيين وحساباتهم لما قبل وما بعد تؤجل المهمة من حين لآخر.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص