أهم الأخبار
ياسين التميمي

ياسين التميمي

الحديدة في أجندة غريفيث؟

2018-11-24 الساعة 05:24م

ليس الوضع الإنساني وحده من يدفع الأمم المتحدة إلى الزج بكل رهاناتها لإيقاف الحرب في هذه الجبهة المصيرية والوجودية لكلا الطرفين.

أعلن مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، تأجل زيارته إلى الحديدة إلى اليوم الجمعة، في سياق مهمة تهدف إلى تكريس الهدنة غير المعلنة والتي تتعرض لخروقات متواصلة وتستعيد في بعضها الصورة الكاملة للحرب، لا ندري ما إذا كان سينجح في إتمام الزيارة أم لا.

ليس هناك حل وسط فيما يتعلق بتقرير المصير العسكري لمدينة الحديدة، فإما أن تستعيدها السلطة الشرعية المدعومة من تحالف الرياض-ابوظبي وهي قادة على ذلك في تقديري، وتضع حداً لمعاناة هذه المدينة التي بدأت منذ شهر يونيو/ حزيران مع أول تقدم للقوات الموالية للحكومة باتجاه مشارف المدينة، وإما أن تنسحب مفسحة المجال لسيطرة كاملة لميلشيا الحوثي على المدينة وهي الخيار الأكثر سوء بالنسبة لسكان الحديدة.

لجأت الأمم المتحدة إلى طريقة ذكية لفرض الهدنة في مدينة الحديدة، عبر إرسال وفد أممي من ممثلي الوكالات الدولية في صنعاء، ومدير برنامج الغذاء العالمي إلى مدينة الحديدة منتصف الأسبوع المنصرم، ما استدعى التزام طرفي الحرب بهدنة غير معلنة، تعززت برغبة أممية في إجلاء موظفيها والسماح للمدنيين من سكان المدينة بمغادرتها.

قُدر لهذه الهدنة أن تستمر وسط ضغط غربي على ابوظبي والرياض، لكن التحالف الذي يشعر بفداحة الخسارة في هذه الجبهة أوعز للقوات التي يدعمها باستمرار المواجهات ولم يكف الطيران عن التعامل مع التعزيزات الحوثية التي تصل إلى المدينة.

تقريباً استطاع الحوثيون أن يعرقلوا تقدم القوات المهاجمة أو يرفعوا من كلفة المواجهة في قلب مدينة الحديدة، لكنهم عملياً ألحقوا هزيمة مبكرة بسكان المدينة الذين ضاقت أحوال البقية الباقية منهم من تقطيع أوصال المدينة وتلغيمها وتفخيخها ورفع كلفة التداعيات المباشرة لعمليات القصف على حياة هؤلاء المدنيين وممتلكاتهم.

لا شيء يدعو للفخر بالنسبة للميلشيا في مدينة الحديدة سوى أنها تعتقل سكانها وتقامر بحياتهم في معركتها التي تنفصل شيئاً فشيئاً عن الغالبية العظمى من مؤيدي هذه الجماعة المسلحة والمنفلتة ناهيك عن سكان مدينة الحديدة الذين لا يشكلون بأي حال من الأحوال حاضنة للميلشيا.

تبدو الحديدة ساحة حرب بين أطراف نافذة لا تنتمي إلى النسيج الطبيعي لمدينة الحديدة، ولا إلى شبكة المصالح الأصيلة لمجتمعها المدني الرائع والمتعدد، فكلاهما يسعى إلى توظيف الحديدة ومينائها حسابات النفوذ والهيمنة وكسر معادلة التفوق الجيوسياسي.

ما أراه هو أن غريفث الذي يغامر في زيارة مدينة الحديدة، لا تتوفر فيها الشروط الآمنة بالمعايير الأممية، قد ينجح مرحلياً في تثبيت الهدنة لكنه على الأرجح لن يتمكن من الحيلولة دون اندلاع معركة حاسمة في هذه المدينة.

افتقدت مدينة تعز لزيارات من هذا النوع إبان محنتها الشديدة طيلة الأعوام الماضية. لكن للأسف لم يحدث شيء بل استمرت الأمم المتحدة في تجاهل الأوضاع المأساوية لمدينة تعز التي كانت تصنعها الميلشيا عبر قصف عنيف لا يتوقف وحصار خانق.

وربما كان يكفي أن الطرف الذي يشكل مصدر الضرر الذي لحق بتعز وأهلها هو هذه الميلشيا التي لا تزال على ما يبدو تشكل إحدى الخيارات المناسبة للغرب المنافق وهو يتعاطى مع ساحة حرب الجميع يعرف أن التحالف كما الحوثيون باتوا فيها مصدر خطر كبير على اليمن وعلى خيارات شعبها في الحرية والديمقراطية والدولة الاتحادية المستقرة.

 
 
شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص