أهم الأخبار
عباس الضالعي

عباس الضالعي

تدمير الشرعية من الداخل .. !!

2016-07-15 الساعة 09:07م

قبل انقلاب 21 سبتمبر 2014 تعالت الأصوات الوطنية للمطالبة بتصحيح الانحراف الذي أصاب إدارة البلد وتمادي قيادة الدولة حينها مع المليشيا الانقلابية بذرائع متعددة وتفريطها بحماية البلد وفقا للدستور والقانون .

 

ما كنا نحذر منه حينها حدث وحلت الكارثة بالبلد واليوم نكرر نفس التحذيرات ولكنها تقابل بمبررات تشبه تلك المبررات التي كانت الرئاسة تسوقها للشارع اليمني ومكوناته بالتزامن مع تنفيذ اعمال ممنهجة لضرب حكومة الأستاذ محمد سالم باسندوه واضعافها وافشالها وهو ماعملت عليه قيادة البلد بمشاركة وتماهي مع طرفي الانقلاب الحالي .

 

نجح هادي بهدم حكومة الوفاق الوطني واستبدالها بحكومة شراكة جاءت الموافقة على رئيسها من طهران وهي الخدمة المجانية التي قدمها هادي للانقلابيين بضرب مرحلة التغيير والوفاق الوطني ، كل الحملات والعراقيل التي واجهتها حكومة باسندوه ومولتها الرئاسة وشركاء الانقلاب كانت من اجل مصالح ( العيال) لان باسندوه وعدد من الوزراء الوطنيين لم يستجيبوا لطلبات ورغبات العيال بتمرير مصالحهم ، ذهبت الدولة ونجح الانقلاب بسبب الفهم القاصر لادارة الدولة ، ذهب هادي مشردا وبقى باسندوه بكرامته ورصيده التاريخي وسمعته الطيبة ومكانته الوطنية وزاد حجم الاحترام الشعبي العام لشخصه ودوره الوطني ، وبالمقابل انتكست مكانة هادي وحجم التأييد الشعبي له الى درجة ( صفر ) واصبح غير مقبول على كل المستويات ولم يبقى له الا خيط الشرعية الذي يتمسك به الخارج لمحاولة استعادة الدولة ، اما هادي فالشرعية بالنسبة له عبارة عن شركة خدمات عامة لصالح أولاده واقاربه يجنون من ورائها فواتير مالية ضخمة ، وحولوا الشرعية واستعادة الدولة وجهود التحالف الى سندات قبض وبيع وشراء مستندين في هذا على خيط الشرعية الذي فرضته المرحلة وضرورة وجود هذا الخيط ولو بتكاليف عالية الثمن .

 

كانت مبررات عدم قيام قيادة الدولة بواجباتها الدستورية بأن الحروب تلك مع جماعات تارة مع السلفيين بدماج وتارة مع أولاد الأحمر وتارة مع الإصلاح وجماعات أخرى ، سلمت الدولة وانتصر الانقلاب في ظل حياد كامل من مؤسسة الدفاع المعنية بحماية البلد وبتوجيهات من القائد الأعلى

مبررات اليوم هي نفس تلك المبررات وان اختلفت الأسماء ، الضغوط الدولية والانصات لإملاءات الخارج والشركاء والداعمين  ، هذه الاملاءات لايهمها من يحكم اليمن وعلى أي مذهب ولمن ولائه ، كل ما يهمهم هو تحقيق مصالحهم  قيادة لم تهتم بمعالجة جريح من جرحى الجبهات التي تدافع عن الشرعية ولم تستطيع التواجد على الأرض وليس لها قدرة على تقديم أي خدمات للمواطنين في المحافظات التي تحت سيطرتها فكيف للمجتمع الدولي ان يعتمد عليها بتحقيق مصالحه

لو عملنا عملية جرد حساب بشفافية لمنجزات هادي قبل الانقلاب وبعده وجرد لعام ونصف من وجود التحالف العربي مع اليمن سنجد النتيجة كارثية بكل المقاييس لانها ستكون نتيجة مخجلة قياسا بحجم الدعم السياسي والمادي والمعنوي الذي يقدمه التحالف ومستوى الاعتراف بالشرعية إقليميا ودوليا ، لذا نفضل الصمت مراعاة لمشاعر المؤيدين للشرعية وعدم هز معنوياتهم .. بالعربي الفصيح نغالط انفسنا بدلا من الفضائح

قيادة الشرعية المشردة هي التي أصدرت القرارات الجمهورية بتعيين صالح الصماد وزكريا الشامي وغيرهم في مناصب سيادية عليا تمهيدا لتطعيم مؤسسات الدولة بالعناصر الانقلابية ، هي ذات القيادة التي أصدرت قرارات جمهورية بتطعيم الشرعية ( بعد التحرير من الانقلاب ) ومؤسسات الدولة بعناصر مليشاوية ولائها ليس لليمن كما هو الحال بتعيين قيادات حراكية موالية لإيران في مناصب هامة وقامت هذه القيادات بإخراج المحافظات المحررة من سلطة الشرعية الى حلفاء ايران ، بمعنى ان ايران هي التي استفادت من تلك القرارات المشبوهة ، فقيادة الشرعية هي من تدمر الشرعية من الداخل لصالح المليشيا

مع كل إخفاقات واخطاء قيادة الشرعية يجب ان لا ننسى ان اليمن والقرار اليمني اصبح تحت تصرف قيادة التحالف العربي وهي المسؤلة عن أي أخطاء ، فالتجاح سيكتب لها وسيكتب عليها الفشل أيضا

لاتزال الحسابات الضيقة وعدم تحديد العدو وهويته عامل رئيسي يسيطر على قرارات قيادة التحالف .. حددوا العدو أولا او على الأقل حددوا تسلسل لقائمة الأعداء الافتراضيين ، اما استمرار هذا الخلط فستكون النتائج مضمونة لعدو المنطقة الأول ( ايران ) ..

الشرعية يتم تدميرها من الداخل وعلى مستويات وطرق مختلفة ولم تستفيد من التحالف العربي والدعم والتأييد الداخلي ولم تقوم بتعزيز وجودها على الأرض ، وهذا يعتبر خدمة أخرى للانقلابيين ومن يقف ورائهم ، الشرعية لم تصغي للاصوات الوطنية واكتفت بالاستماع للمهرجين وأصحاب المصالح الخاصة الذين وجدوا في المرحلة الحالية فرصة للكسب والربح وان كان الثمن هو الوطن ومعاناة المواطنين ..

لا يمكن للدعم مهما كان حجمه سواء المالي او العسكري او السياسي ان يحقق نجاح في ظل غياب قيادة رشيدة للدولة تعي واجباتها الوطنية والدستورية ، البعض قد يقتنع بتصريحات إعلامية يتم صياغتها من قبل شخص او اشخاص مهمتهم خداع الرأي العام بسرد منجزات وانتصارات على الواقع الافتراضي على الشبكة العنكبوتية وغياب شبه تام على الواقع في الميدان ، هذا الكلام لا نقوله من باب المزايدة وانما من الواقع ..

قيادة الشرعية لم تستلهم خطورة المرحلة ولم تستشعر ابعاد استمرار هذا الوضع الحرج وعليه لم تستفيد وتستغل الدعم المقدم من التحالف العربي المدعوم بالدعم الشعبي المتمثل بحجم التأييد الداخلي للشرعية واستعادة الدولة والاستفادة من هذا الدعم لقلب الموازين على الأرض ، لكن في ظل هذا الترهل حتى وان حسم الوضع عسكريا فسيتم التفريط بالدولة من جديد وسيتم إعادة تدوير عناصر المليشيا وانصارها وتعيينهم في مؤسسات الدولة كما حدث سابقا وحاليا في المحافظات المحررة ..

الانقلابيين وجدوا الحوار فرصة لهم لكسر الحاجز الدبلوماسي المفروض عليهم وحولوه الى منفذ للتعامل مع الخارج ونسج علاقات من تحت الطاولة بينما الشرعية توقفت عند شخص الرئيس ولم تستفيد من الغضب والغليان الشعبي الذي يتزايد كل يوم على حكم المليشيا وهمجيتهم ، تستطيع الشرعية منح الضوء الاخضر للابطال في الجبهات لحسم الوضع لكنها فضلت التريث لاهداف تتعلق بعملية بقاء الرئيس رئيسا ولو في مشرد في الخارج .

عملية بقاء هادي رئيسا بهذا النوع من الأداء السلبي الكارثي يتطلب انقاذ الشرعية بتغييره ، نعرف مدى حساسية هذا الخيط ووجود هادي بالنسبة للتحالف وهذا ما يدركه هادي وفريقه انه في حال حسم الوضع سواء سياسي او عسكري فإن بقاء هادي من المستحيلات ولهذا يعمل على عرقلة أي حل او أي حسم للوضع في اليمن ، يجب تجاوز هذه النقطة من التحالف أولا لمصلحة دول التحالف وخاصة قيادة التحالف لان بقاء الوضع هكذا يمثل خطر استراتيجي على اليمن ودول المنطقة خاصة مع وجود مهددات امنية وعسكرية تقوم بها ايران ومليشياتها التي أصبحت تسيطر على اربع دول وتمتلك عتاد عسكري قوي ولدى هذه المليشيات توجهات ومخططات لاستهداف دول المنطقة ، لهذا يجب تصحيح الوضع اليمني وحسم الوضع لقطع الطريق على هذه المخططات وأول درجات الحسم هو حسم وضع قيادة الشرعية الحالية التي تعتبر عامل انتاج يشجع على ملشنة اليمن  

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص