
دعا الاتحاد الأوروبي، اليوم الخميس، إلى إجراء تحقيق خارجي فوري ومستقل في حادث وفاة العشرات من المهاجرين الأفارقة حرقا في منشأة الاحتجاز المزدحمة في مصلحة الهجرة والجوازات الخاضعة لسيطرة الحوثيين في صنعاء.
وشهدت العاصمة اليمنية صنعاء (خاضعة لسيطرة الميليشيا) في 7 مارس 2021م، جريمة مروعة راح ضحيتها المئات من المهاجرين، جلهم أثيوبيين، إثر قيام قوات حوثية برمي قنابل حارقة عليهم داخل مركز احتجاز تابع لها، ما أدى لاحتراق عشرات المهاجرين واندلاع النيران في السجن.
ولم تتضح حتى الآن الأعداد الحقيقية للضحايا، وأحجمت السلطات الحوثية عن إصدار بيانات حول الجريمة وتقول انها فتحت تحقيقاً في القضية، في حين أصدرت بيانات مذيلة باسم جاليات افريقية تقول ان من توفوا جراء الجريمة هم 43 شخصاً وأصيب أكثر من مائتين حالة بعضهم خطيرة.
وعبر رؤساء البعثات الدبلوماسية للاتحاد الأوروبي لدى اليمن، عن "عميق انزعاجهم جراء الأحداث والخسائر في الأرواح المرتبطة بالحريق"، مشددين على "اجراء تحقيق خارجي فوري ومستقل في الحادثة، والى المساءلة وتعويض الضحايا وأسرهم".
وقالوا في بيان وصل "المصدر أونلاين" نسخة منه، إنه "فيما يجري بناء الأدلة على السبب المباشر وتسلسل الأحداث المؤدي إلى الحريق، يلاحظ رؤساء البعثات الدبلوماسية الأنباء المزعجة حول دور أفراد الأمن".
وأضافوا في البيان "أن النتيجة المميتة مرتبطة بالظروف المريعة التي يجري فيها احتجاز المهاجرين في المركز، المسئولة عنها سلطات الأمر الواقع في صنعاء".
وطالب البيان سلطات الأمر الواقع في صنعاء بإغلاق المركز بشكله الراهن، وتحسين تعاونها مع المنظمة الدولية للهجرة والمنظمات الإنسانية الأخرى، ومنح "الوصول الفوري للمنظمات الإنسانية، بما في ذلك المنظمة الدولية للهجرة، إلى جميع المواقع والمستشفيات التي أحيل إليها الناجون".
وأكد رؤساء البعثات الدبلوماسية للاتحاد الأوروبي أن "المهاجرين يواجهون احتياجات انسانية وأخرى متعلقة بالحماية بشكل حرج"، مذكرين "جميع الأطراف بالحاجة إلى ضمان وجود ظروف إنسانية للمهاجرين بحسب القانون الدولي لحقوق الإنسان والمعايير الدولية".
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، قالت في بيان لها الثلاثاء، إن قوات الأمن التابعة للحوثيين مسؤولة عن إشعال الحريق في مركز احتجاز المهاجرين في صنعاء والذي أدى لوفاة العشرات من المهاجرين احتراقاً.
وشددت المنظمة في بيانها، على أنه "ينبغي أن يدرج فريق الخبراء البارزين الدوليين والإقليميين بشأن اليمن، التابع للأمم المتحدة، الحادثة في تحقيقاته الجارية في انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد".
من جهته، جدد الناطق باسم ميليشيا الحوثي، محمد عبدالسلام فليتة، التأكيد بعدم مسؤولية جماعته عن حادث المحرقة التي تعرض لها المهاجرون في صنعاء، وقال إنها "نتيجة اعتيادية تحصل في حوادث مشابهة في كل مكان بالعالم".
وأضاف عبدالسلام في برنامج بلا حدود على قناة الجزيرة الليلة الماضية، أنه تم إبلاغ الدول المعنية بالحادثة في صنعاء بما حصل هناك، مشيرا إلى أن "المشكلة بدأت بشجار بين اللاجئين أنفسهم ثم تدخلت القوات الأمنية لفض الاشتباك ثم حصل حادث عرضي أدى لاشتعال النيران".
وأوضح عبدالسلام أن ما حصل بحق اللاجئين الأجانب في صنعاء حادث عرضي وليس مسيسا ولا مصلحة لنا بالقيام بهذا الأمر، مؤكدا أن "التحقيق في الحادثة لا زال جاريا وبالتنسيق مع المنظمات والسطات المعنية في صنعاء تقوم بالمطلوب منها في هذا الملف".
وقال عبدالسلام إنه "لا حاجة لنا باستخدام القوة المفرطة تجاه اللاجئين فالشجار بدأ بين جالية وجالية أخرى ونطالب بفتح المطار لعودة أي مهاجر غير شرعي إلى بلده".
وردا على سؤال المذيع عن التقارير الدولية التي تؤكد أن المقذوفات التي أطلقها الحوثيون أشعلت الحريق، قال عبدالسلام "حتى وإن كان حصل قنابل مسيلة للدموع أو مقذوفات نتيجة لهذا الازدحام ونتيجة لإغلاق المطار وعدم عودة اللاجئين أو ترحيلهم لبلدانهم، من الطبيعي أن يحصل هذا.. هذا حادث عرضي ليس مسيس ولا يأتي في إطار الاستغلال ولا يأتي في إطار العدوان".
وزعم متحدث الحوثيين أن "سلطات الجماعة في صنعاء لا تواجه أي مشكلة مع المهاجرين الغير شرعيين"، نافيا استخدام الجماعة القوة المفرطة ضد المهاجرين، ومؤكدا إن نتائج التحقيق ستصدرها الجهات المختصة في داخلية الحوثيين.
وكان المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة "أنطونيو فيتورينو"، قد نفى في بيان سابق مزاعم الحوثيين بتبعية مركز الاحتجاز للمنظمة، وقال إن الهجرة الدولية " لا تقوم بإنشاء أو إدارة أو الإشراف على مراكز الاحتجاز في اليمن أو في أي مكان آخر في العالم".
وأضاف "كانت الظروف في منشأة الاحتجاز، التي تم تحميلها فوق طاقتها بثلاث مرات، غير إنسانية وغير آمنة".
وأبدى مدير الهجرة الدولية قلقه "من أن هذه ليست المأساة الأخيرة التي سيواجهها المهاجرون في اليمن إذا لم يبذل المجتمع الدولي الجهد بشكل أكبر لتقليل المخاطر التي يواجهونها وزيادة الدعم الذي يتلقونه".
وكانت العديد من المنظمات والجهات الحقوقية الدولية والمحلية، إضافة إلى الحكومة اليمنية، قد دعت إلى إجراء تحقيق دولي في حادثة الحريق الغامض، في ظل تكتم مليشيا الحوثيين على ملابسات الحادثة وعدد الضحايا الذين سقطوا فيها.