2022/08/19
  • أربعة أساتذة.. أربعة شهداء
  • كانت مليشيا الحوثي تنتشر، تهجم بأسلحة الدولة وبالألوية التي انخرطت معها. عندما اتخذت طريق تعز ـ عدن، كان الأستاذ عبده أحمد الفهيدي يغلي ويحترق من أعماقه. وقبل أن تتشكل المقاومة في تعز، كان يستدين ويشتري قذائف الآر بي جي ليحارب منفرداً، يقطع طريق "شهرة" ويصل إلى نقيل السياني ويصنع الكمائن لمركبات المليشيا ومدرعاتها.. لم يعرف أحد ما يعمله الأستاذ إلا بعد فترة.


    غامر بروحه وكان يذهب إلى الحوبان ليصنع الكمائن أيضاً، الأستاذ عبده أحمد كل شعر رأسه أبيض، المليشيا ألقت القبض عليه وهو يحمل صاروخ لو "كان اشتراه من أفراد تركوا معسكرهم جهة ماوية"، كان ينوي أن يصنع كميناً بالصاروخ، لكنهم ألقوا القبض عليه قبل إطلاقه. قال لهم إنه اشتراه من أناس ليتاجر به، وأنه لا يعرف بالسلاح "يعلم الله موذه يا عيالي". أخرج لهم رزمة من المال ليؤكد أنه بريء صاحب دكان في القرية، طمعوا بالمبلغ. وعاد الأستاذ سالماً يحمل الصاروخ.


    اتجهت المليشيا بكافة ثقلها وألويتها إلى شارع الستين في تعز، لم يكن المقاتلون قد امتلكوا الخبرة بعد، قاوم من قاوم وانسحب من انسحب. كان الأستاذ "عبدالواسع صليح العوني" يقود مجموعة من الأبطال. رفض الاستسلام. غطى على أفراد لينجوا بسلام، وظل يقاتل وحده، حتى استشهد.

    بعد أن سقط شارع الستين في يد المليشيا والألوية المهاجمة، لم ينم الأستاذ عبده أحمد.. في الليل كان يتنقل من قرية إلى قرية ليستحث مقاتليه، كان يرمي على أبوابهم الحجار فيخرجون، ليسألهم بحرقة: "ترقدوا.. والحوثة بالستين؟ أمانة يجي لكم نوم.. انا ما يجيليش نوم".


    في الهجمات المختلفة على المليشيا، كان صاحب الشعر الأبيض أولاً، يتم وضع الخطة فيستعجل بالتنفيذ. يباغت العدو ويثخنه، لا تشرق شمس يوم الهجمة إلا وعبده أحمد ومقاتلوه قد قطعوا الطريق لتصل المجاميع بعده تباعاً.

    في المدينة أيضاً، هاجم المليشيا في جبهات مختلفة، أشهرها "هجمة المرور".

    في رمضان، قبل أكثر من ستة أعوام، استشهد عاصم صاحبي وماهر ابن عمتي، هما من الجنود المحاربين، يعرفهم عبده أحمد تمام المعرفة، عملوا سوياً بعض ما يتعلق بالحرب ضد المليشيا. تم تشييع البطلين في مقبرة القرية. في 18 رمضان شيعنا عاصم، وفي 21 رمضان شيعنا ماهر، في تلك الأيام، كان الأستاذ موجودا في قريته، يجمع ويحشد ويخطط لهجمة على ألوية الحوثي ومقاتليهم، حضر جنازة من سبقه بالشهادة، عاصم وماهر، كان يدنو منهما ويقبلهما، ويهمس معاتباً: سبقتوني.


    ماهي إلا ستة أيام حتى تأتي الهجمة. لم يبرح ضوء الصبح إلا والأستاذ مع مقاتليه قد هاجموا النقطة الرئيسية للمليشيا في شارع الستين، وحرروا مواقع مرتفعة. كان مقرراً الوصول إلى تلة يتمركز فيها السلاح الثقيل للمليشيا، كنا في انتظار ضربة ثقيلة لم تأت. عبده أحمد لم يتراجع. ظل يهاجم.. يومها؛ استشهد الأستاذ حمود علي يحيى العوني، زجت المليشيا بتعزيزات كبيرة، انسحب من انسحب، ولكن عبده أحمد ظل يقاتل حتى آخر رمق. عذبهم، حتى عندما رفع يديه مستسلما وقد استشهد صديقه الأستاذ "العزي محمد" وشقيقه "محمد"، استدرجهم ليأخذوه، وحين وصل باغتهم بما تبقى من رصاص.. جندلهم هناك.. الفارون التابعون للمليشيا الذين نجوا، أصابوه بخوف واستشهد الأستاذ عبده احمد.

    كان المقاتلون من كل فئة.. أساتذة وطلاباً، فلاحين وعسكريين. كان الأساتذة يعلمون اليمنيين معاني التضحية على أرض المعركة، كما يعلمونهم الأبجدية على السبورات.

    تم طباعة هذه المقالة من موقع يمن سكاي www.yemensky.com - رابط المقالة: http://yemensky.com/art2567.html