أهم الأخبار
عبدالله دوبله

عبدالله دوبله

ما بعد الحوثي وعفاش!

2015-08-04 الساعة 05:55م

لطالما كان الحكم العصبوي والمركزي مشكلة في تاريخ اليمن الحديث، ولم تكن الثورات والحروب الأهلية المتعددة في شمال الوطن وجنوبه إلا تعبيرا واضحا عن انتهاء صلاحية ذلك النمط من الحكم الضارب في ماضويته.

ولم يكن الظهور البارز للقضايا المحلية في أكثر من منطقة يمنية قبل ثورة العام 2011 أمرا خارج سياق التاريخ وحاجاته. لتحضر مسألة الفدرلة كقضية رئيسية في الحوار الوطني، حيث اتفق اليمنيون على الذهاب إلى يمنهم الجديد الاتحادي بأقاليمه الستة.

فالانقلاب الحوثي لم يكن مجرد انقلاب على سلطة شرعية بقدر ما كان ارتدادة بائسة للماضي لخلق نموذج حكم أكثر بدائية وشمولية ومركزية، ضدا على تطلعات اليمنيين في نموذج عادل للحكم متعدد وتشاركي بين مختلف مكونات المجتمع اليمني.

الواضح الآن أن الانقلاب الحوثي وهو القادم من الماضي أنه ذاهب إليه وبأسرع مما كنا نتوقع، فيما المستقبل هو لليمن الجديد والمتعدد. فذلك ما يحضر الآن ويتضح في نتائج حروب التحرير في أكثر من منطقة يمنية.

فالمشكلة ليست في الحوثي كحركة سلالية وعصبوية وإنما في مفهومها الواسع في نمط الحكم الذي تنتمي إليه. ومن يظن أن حروب التحرير الآن والمدعومة من التحالف العربي أنها ستقضي على الحوثي وحده أو عفاش فهو لا يرى الصورة بشكل أوضح وأشمل.

فحيث يخسران يحضر اليمن الجديد من خلال القوى المحلية التي تدحرهما، والتي منها جميعا يتشكل اليمن الجديد الواحد والمتعدد. فالأقلمة باتت تفرض نفسها كواقع بناء على نتائج المعارك العسكرية على الأرض، ولم تعد مجرد تطلعات وأفكار على وثائق الحوار الوطني.

من يريد أن يرى بديلا عن الحوثي وعفاش على غرارهما، على نحو جماعة تفرض سيطرتها من أعلى لأسفل على نمط حكم عصبوي ومركزي، فتلك الأشياء باتت من الماضي، بل ومن غير الممكن أيضا.

 والقائلون: إما أن تكون الصورة واحدية اللون وسوداء (البقاء في النمط الذي يمثله الحوثي وعفاش). وإما أن يكون التشظي هو ما ينتظر اليمنيين. أولئك مصابون بعمى ألوان وبصائر. فمن الألوان المتعددة تتكون أزهى الصور وأجملها.

وجود العامل العربي في دعم معركة التحرر من أخر صور الحكم العصبوي وفيما بعدها أمر مشجع على مساعدة اليمنيين على استعادة الثقة بأنفسهم، وبخلق نموذجهم الجديد للحكم والذي بات واضحا أنه يتجه لأن يكون متعدد ووحدوي في آن..

يمكن القول أن اليمن تمضي الآن نحو مستقبلها فعلا. ومن الماضي وحده وتجاربه السيئة هو ما يجب أن نشعر حيال تكراره بالقلق.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص