أهم الأخبار
مروان الغفوري

مروان الغفوري

أكذوبة مقاومة صالح

2017-08-26 الساعة 01:50م

صالح تحالف مع الحوثيين "فقط" نكاية في، وللانتقام من خصومه الذين دفعهم البغي حد محاولة اغتياله في "بيت الله"، وهو تحالف ضرورة مفهوم.

٢. صالح بحاجة إلى إسناد داخلي وخارجي لأنه يمثل آخر حواجز الصد والممانعة ضد الحوثيين في اليمن. ولولا صالح لنجح الحوثيون في أدلجة الشعب اليمني، كل الشعب اليمني.

ـــــ

لسه في ناس تشتري مثل هذا العك والخداع الفارغ؟

ـــــ

يعني صالح تحالف مع الحوثيين للانتقام من خصومه الذين دبروا محاولة قتله. والآن، لأسباب فنية تتعلق بالخلاف حول إدارة الدولة، يطلب من خصومه الذين حاولوا قتله التحالف معه ضد الحوثيين الذين تحالفوا معه ضد خصومه الذين حاولوا قتله، وقتالهم.

وكمان، بعد محاولة الاغتيال صارت عملية سياسية وتنازل بموجبها عن الرئاسة، واشترك في الحكومة، والحوار الوطني، ثم كتابة الدستور، وعاد إلى الأجواء كزعيم شعبي، بحزب كبير، وبدا أنه يستعد للانتخابات. وقبل الدعوة إلى الاستفتاء على الدستور وانتخابات عامة فقط بأيام قليلة .. تذكر صالح الانفجار الذي وقع في "شامخ النهدين"، وقرر التحالف مع الحوثيين وأحرقوا وثيقتي الحوار الوطني والدستور، وقتلوا كبار قادة الجيش، واقتحموا المعسكرات، ثم حاصروا الرئيس ووضعوه تحت الإقامة الجبرية، ثم حكموا على رئيس الجمهورية بالإعدام في محاكمة هزلية رائعة. ثم أمر صالح كل حزبه العظيم، وكل الألوية العسكرية التي تأتمر بأمره بالالتحاق بعبد الملك الحوثي، وتعمل تحت إمرته.

ونشأ مصطلح الجبهات. وهذا خداع كبير.

المحافظات اليمنية المحاذية للسعودية هي، من الشرق إلى الغرب:

حضرموت، الجوف، صعدة، وحجة.

لا توجد جبهة عسكرية بين السعودية وكلمن حضرموت والجوف. والجبهة الصغيرة بين حجة والسعودية محدودة جغرافياً. وتنحصر المواجهات على الحدود فقط بين صعدة والسعودية! وتلك هي مسؤولية الحوثيين..

إذن .. فالجبهات التي يحشد إليها صالح جيشه وحزبه هي الحرب الداخلية! يجهز عشرات الآلاف كل شوية عشان الحرب الداخلية، عشان تعز وإب والضالع ولحج وشبوة والبيضاء ومأرب وأبين، وعتمة .. إلخ.

هذه هي الجبهات التي يقاتل فيها صالح، فقط. ولا توجد جبهات أخرى، فالمواجهات مع السعودية محصورة في صعدة، ولن يسمح لميليشيات صالح بدخول صعدة من الأساس!

يعني الحرب الأهلية الطاحنة اللي أعلن صالح من ثلاثة أيام إنه سيمدها بعشرات الآلاف من المقاتلين الجدد، فوق الأربعين ألف اللي قال الزوكا إنهم حصة المؤتمر .. هي حرب يقوم بها زعيم وطني، فقط كعتاب ضد الذين فجروا بيته؟ ما هي الضرورة التي تدفعك لخوض حرب إلى جوار الحوثي في كل المدن والقرى اليمنية؟ ما هو شكل الضرورة العسكرية أو السياسية هنا، في الحرب الأهلية! أن تخوض قتالاً إلى جانب زعيم ديني لا يستند لأي مشروعة قانونية أو دستورية، ووجوده كله من أساسه خارج عن القانون..

أما حكاية إن صالح يمثل مقاومة ضد أدلجة الشعب اليمني، فهذه لوحدها طرفة ميتة، في بلد لم يعد قادراً على تحمل إلقاء الطرف التي بهذا الحجم.

داخل المذهب الزيدي، في أعماق المذهب الزيدي، وفي التوسعة السياسية التي تحدث باستمرار داخل المذهب الزيدي، وفي المساهمات الفلسفية التي قدمها المذهب الزيدي على مدى قرون يملك عبد الملك الحوثي الحق الكامل والشامل والحصري في حكم اليمن.

هذه ليست إيديولوجيا من ابتكار الحوثي، بل واحدة من قضايا المذهب الرئيسية. وهو مذهب تعايش مع باقي المذاهب تحت شرط واحد: أن يحكم. وفي كل فترات التاريخ، عندما أزيح المذهب عن الحكم فإنه سرعان ما تحول إلى مذهب محارب. وعندما يتحدث المؤرخون اليمنيون عن الأزمنة الرائعة للتسامح الديني فإنهم يتحدثون عن الفترات التي قبلت بها باقي المذاهب بالزيدية حاكماً، لا العكس.

لا أكتب هذه الملاحظات دفاعاً عن مذهب بعينه، فالمذاهب الأخرى تلغي السياسة كلياً وتصادر حريات الناس واستقلالهم عندما يتعلق الأمر بالسياسة، محيلة وحاصرةً السياسة إما إلى سلالة بعينها أو إلى "الحاكم المتغلب". في الأخير، على كل هذا أن يتنحى جانباً وأن يمارس الإنسان الحديث استقلاله بنفسه، ويستند إلى القيم التي ينتجها عالمه المعاصر في السياسة والتعليم والأخلاق.

مؤخراً حاول صالح فرملة الحوثيين بالحديث عن الابتعاد عن تغيير الواجهة الشكلية للمناهج الدراسية بطريقة مذهبية فجّة، والاكتفاء بالتطييف الناعم والبارد لكل شيء، كما يفعل صالح منذ ما يزيد عن ثلث قرن. يحاول صالح إمساك جبهته الداخلية المتجاوزة، بالضرورة، للمذاهب والحدود الجغرافية الداخلية. وتحت ضغط من قيادات حزبه، أو نصائحهم، قام بالاعتراض على "التطييف الفج" الذي يمارسه الحوثيون، متمنياً منهم لا يتركوا خلفهم أثراً واضحاً، كما يفعل هو!

وطبعا لا يجدر بك أن تقول مثل هذا الكلام كي لا يقال عنك إنك طائفي ومذهبي وتعزّي، وخلافه. هناك جريمة كبيرة، وعلى مر السنين كان الحديث عن الجريمة هو الجريمة، وذلك ما دفع كل الناس إلى الصمت والتعايش معها..

الجديد الذي ابتكره عبد الملك الحوثي هو الشعار والزامل. وهنا تتجلى مقاومة صالح: مطالبته بإزالة الشعار من بعض الشوارع.

الحقيقة هي أن الحوثي لن يجد رجلاً أفضلَ من صالح. وإن صالح هو الذي هضبَبَ الحياة كلها من الجيش إلى القضاء، ومن الخارجية إلى التعليم، ومن الأمن إلى النشاط الأهلي .. كان يفعل ذلك بدوافع مذهبية طائفية مختلطة بعقلية جهوية فاسدة ومنحطة. جاء الحوثي واكتشف إن الجيش لا يمانع، بالمرة، من الانضمام إليه. استجاب الجيش خلال دقائق لدعوات الانضمام إلى القائد الطائفي، دون ارتباك أو تردد أو شك. ذلك أن الجيش كان طُيّف من قبل، وأصبح عملياً ومنذ زمان طويل على أهبة الاستعداد لتقديم الولاء لأي زعيم طائفي، سواء أكان يتحدث الانجليزية أم الفارسية أو الصعدية ... وذلك فعل صالح. ما هي الأدلجة، إذن، إذا تكن هي كل ما فعله صالح؟!

أن تحاولوا تزييف التاريخ وطمس معالم الجريمة مستخدمين الطبول الكبيرة وحفلات النيران .. فتلك محاولات بائسة، لن تهزم ذاكرة وذهن الأجيال الجديدة.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص